صنعاء نيوز - بقلم: عمر دغوغي الإدريسي

الأحد, 17-يناير-2021
صنعاء نيوز/ بقلم: عمر دغوغي الإدريسي -



على مستوى السلطات العليا، فقط لا غير، السلطة المركزية هي من يدير شؤون
البلاد بما فيه الشؤون المحلية حيث يتم توحيد وحصر كل سلطة الوظيفة الإدارية
في الدولة في يد السلطات الإدارية المركزية، المصالح المحلية لا تتوفر على أي
هامش من التسيير الذاتي لأن كل القرارات تتخذ على المستوى المركزي، كما أن
المصالح الخارجية لا تتمتع بالشخصية القانونية مما يبرر تبعيتها التامة للدولة
الوضعية. نلاحظها في دول العالم الثالث
فالنظام المركزي أبان عن محدوديته وعجزه لمواجهة وحل المشاكل التي بدأت
تتكاثر وتتشعب،لمواجهة هذه الوضعية بدا أن الحل لهذه المشاكل يكمن في
الذي يعتبر تقنية من تقنيات تنظيم la déconcentration تبني نظام اللاتمركز
الدولة تهدف إلى ما يسمى بتقريب الإدارة من المواطن،ألا أنه هذه المرة يلجأ
إلى تقنية، التفويض، سواء أكان تفويض توقيع أو تفويض اختصاصات والتي يمكن
أن تكون واسعة مما يسمح بظهور مراكز قرار مرتبطة بالمركز إداريا لكن منفصلة
عنه. جغرافيا أي بمحيطه
إذن، اللاتمركز يعني تحويل اختصاصات لصالح أعوان معينين من طرف الدولة
يمارسون عملهم على مستوى مجموع التراب الوطني حسب التقسيم الإداري، إلا
أن هذه السلطات المحلية تبقى مرتبطة بالمركز وتخضع لرقابة تسلسلية. عمليا
اللاتمركز هو عملية ترحيل جغرافي من المركز إلى محيط هذا المركز لكن الدولة
تحتفظ بامتيازاتها عندما تقوم بعملية اللاتمركز وتفقدها عندما تقوم بعملية
اللامركزية.
يقول أنصار النظام المركزي بأن السلطة الإدارية تكسب فيه قوة تجعلها قادرة
على توجيه الأمور الوجهة الصحيحة، فتتوحد الإدارة في الدولة وتبقى متناسقة
ومنسجمة، وينشأ الانسجام والاتساق من خضوع الموظفين لرؤسائهم، فيكونون
تابعين لهؤلاء الذين يوجهون ويصدرون إليهم التعليمات والأوامر ويراقبون
أعمالهم كما أن الإدارة في النظام المركزي تكون أَبعد عن المحاباة وعن الإسراف
وأكثر كفاية من الإدارة في النظام اللامركزي بسبب بعد الأولى عن النفوذ المحلي
ولأن الموظف لديها مسئول تجاه رؤسائه فيخاف عاقبة الخطأ والإهمال فلا يقدم
عليه، فضلا عن أن الموظف لا يعين في الوظيفة إلا إذا كان كفؤاً لها بخلاف الهيئات
المحلية بالنظام اللامركزي فكثيراً ما يكون أفرادها أقل دراية واختبارا بتصريف
الأمور من الموظفين لأنهم يختارون بطريق الانتخاب ولا تتوفر لديهم المؤهلات
العلمية والفنية ويقولون من جهة أخرى إذا لم يكن للنظام المركزي من فضل
سوى أنه يقضي على نظام الإقطاع لكفى، لكن النظام المركزي يحتوي كذلك على
إدارة موحدة وقواعد مشتركة للجميع ويبقى على الوحدة الإدارية في البلاد خلافاً
للنظام اللامركزي الذي يقضي عليها، ويزيدون بأن الشعور الوطني العام لا يتولد
إلا على أساس النظام المركزي أما في نظام اللامركزية فتقدم المصالح المحلية على
سواها. من المصالح القومية
ومهما يقال في فوائد النظام المركزي وفي مضار النظام اللامركزي فإن حسنات
هذا الأخير تزيد على سيئات ذاك ويكفي لإثبات مضار النظام المركزي أن كثيرا من
المشروعات التي أعدتها السلطة المركزية لم تتمكن من إنجازها بسبب ما لديها
من أعمال مع قلة الإداريين، وإن ترك السلطة المركزية وحدها تعمل دون أن
يكون بجانبها من يسعفها ويساعدها من الهيئات المحلية يجعلها عاجزة عن سد
الحاجات العامة التي يحتاجها سكان المناطق الأخرى، وفي ذلك ما فيه من الأضرار
ومع ذلك كله لا ننكر أن بعض المرافق يجب أن تكون خاضعة للنظام المركزي لتتم
الفائدة. منها كالمواصلات البريدية، الدفاع الوطني، القضاء، التعليم، سك النقود
أما المرافق العمومية المحلية كمصلحة جمع النفايات والنقل والمجازر وأسواق
الجملة. فإنها تدار بطريقة لامركزية عن طريق التدبير المفوض
اللاتمركز هو أسلوب من أساليب المركزية فهو يقتضي منح مصالح غير
مركزية، صلاحيات تقريرية محدودة، علما أن السلطة المُبَاشَرة عليهم من طرف
المركز. هي سلطة تسلسلية على الأشخاص وعلى الأعمال
لكن ما تجدر الإشارة إليه هو أن اللاتمركز يتم تحديده بناء على المرجعية
المركزية لأن هذه الاختصاصات التي كانت تبشرها وتمارسها العديد من الوزارات
باستقلالية كل واحدة على حدة يتم تركيز سلطة التنفيذ في يد ممثل وزارة واحدة
وغالبا ما يكون ينتمي لوزارة الداخلية ولعل هذا ما يستنتج من الفصل 145 من
618 بمثابة ميثاق - 17 - الدستور المغربي وهو ما تمت بلورته بواسطة المرسوم رقم 2
2018 حيث سنفرد له فصلا خاصا به / 12 / وطني للاتمركز الإداري الصادر في 26
- كذلك نشير إلى بعض المقتضيات من التشريع الفرنسي لاسيما المرسوم رقم 82
2004 الصادر في - 389 الصادر في 10 مايو 1982 كما تم تعديله بالمرسوم رقم 374
إذ أن المحافظ أصبح préfets 29 أبريل 2004 والمتعلق باختصاصات المحافظين
Il est القَيِّم على سلطة الدولة في الإقليم » يتمتع باختصاصات واسعة لأنه هو
ومندوب الحكومة والممثل المباشر للوزير dépositaire de l’autorité de l’Etat
هذه « الأول ولكل الوزراء. يدير ويسير تحت إمرتهم مصالح الإدارات المدنية
هي نفس المطرقة التي تضرب، » الوضعية عبر عنها أوديلون بارون بعبارته الشهيرة
... يتبع.«( كل ما تغير هو أنه تم تقصير عصا المطرقة


بقلم: عمر دغوغي الإدريسي مدير مكتب صنعاء نيوز بالمملكة المغربية. [email protected] https://www.facebook.com/dghoughi.idrissi.officiel/
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 21-نوفمبر-2024 الساعة: 07:20 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.sanaanews.net/news-74548.htm