صنعاء نيوز/ بقلم: عمر دغوغي الإدريسي -
كما أن هذه الحركة وفرت إطارا للمناقشة وتبادل الآراء بين فاعلين سياسيين
وجمعويين على مختلف مشاربهم وتوجهاتهم. فبالنسبة لهؤلاء المؤمنين بالفيدرالية،
موضوع تهيئة التراب يشكل وسيلة جد ناجعة من أجل مواصلة العمل من أجل
Jean - تسيير ذاتي محلي وجهوي. هذا وقد شكل كتاب جون فرانسوا كرافيي
Paris et le désert» « باريس والصحراء الفرنسية » في كتابه François Gravier
مناسبة لإظهار الفوارق الخطيرة على مستوى التنمية الاقتصادية بين «français
الجهات. حيث أعطى مثالا بالعاصمة باريس التي تستفيد من مركزية سياسية
واقتصادية عريقة وقديمة تتركز فيها كل رؤوس الأموال وكل النخب في حين أن
الجهات. الأخرى تعاني من انخفاض الولادات واندثار الصناعات على المستوى المحلي
على المجموعات الاجتماعية والمهنية. غير أن تنفيذ هذا المشروع تم بناء على
إصلاحين اثنين: من جهة هناك إعادة صياغة طريقة التخطيط، ومن جهة أخرى
اضفاء الطابع المؤسساتي على الجهة على اعتبارها إطارا للنقاش مع القوات الحية
الجهات.
إلا أن قانون 02 مارس 1982 وكذلك قانون 07 يناير 1983 يشكلان خطا
فاصلا بين حقبة كانت فيها الجهة مجردة من كل الإمكانيات الإدارية والسياسية
كما كانت موضوعا للنقاش الأكاديمي وحقبة أخرى أصبحت فيها الجهة على قدم
المساواة مع الجماعة والإقليم. وبالتالي فإنه لأول مرة تم انتخاب مستشارين
. جهويين عن طريق الاقتراع العام المباشر وذلك في 16 مارس 1986
هذه القوانين خففت من رقابة الدولة على الجماعات الترابية، حيث أنها
منحت للإقليم وللجهة سلطة تنفيذية منتخبة وتسييرا ذاتيا للميزانية. وبالتالي لم
ممثل الدولة هو من يسهر على تنفيذ القرارات بل رئيس le préfet يعد المحافظ
الإقليم. والجهة
هذه القوانين أمنت توزيع السلطات بين الدولة والجماعات الترابية لضمان
وجعل العمل للمصلحة العامة أكثر فعالية وتأمين تطوير ديمقراطية القرب. لهذا
السبب تم الأخذ بعين الاعتبار مبدأ التفريع عندما تكون الجماعات الترابية تميل
لأخذ قرارات بالنسبة للاختصاصات التي يمكن أن تنفذ بفعالية طالما أنها تدخل
صلاحياتهم.
لكن ما يجب ألا ننساه هو أنه بفرنسا اللامركزية هي أولا وقبل كل شئ
تدخل في إطار السياسة العامة للدولة، تُؤطر وتُسير من أعلى هرم السلطة وبالتالي
فإن السلطة السياسية تحكم وتفكر بطريقة مركزية كما سبق وأن أشرنا إلى ذلك
والدليل على ذلك هو أنه مقابل تحويلات الاختصاصات من الدولة إلى الجماعات
الترابية نجد أن المساعدات المالية الممنوحة من طرف الدولة تعطى على شكل
فنجد. مثلا الهبات الخصوصية الإجمالية للتسيير dotations هبات خصوصية
ات الخصوصية الإجمالية للتجهيز ،dotations globales de fonctionnement
dotations الهبات العامة للامركزية ،dotations globales d’équipement
كما أخذت العلاقات بين الدولة والجهة ،générales de décentralisation
بين الدولة والجهة contrats de plan طابعا تعاقديا فمسطرة العقود التصميمية
أضفت طابعا مؤسساتيا وعاملا للتعاون بينهما. فالجماعات الترابية بفرنسا وكما
ينص على ذلك الفصل 72 من الدستور تدير ولا تحكم، تدير شؤونها بنفسها
.(ne gouvernent pas) ولكنها لا تحكم (s’administrent librement)
الصادرة في 2 مارس 1982 Gaston Defferre شكلت قوانين غاستون دوفير
وفي 07 يناير وكذا 22 يوليو 1983 رافعة قانونية للجماعات الترابية لكي تسترد
جزأ من حرية تصرفها، وخصت هذه القوانين مجالات التعمير والإسكان، التكوين
المستمر. تهيئة التراب الوطني، القطاع الاجتماعي والصحي ثم النقل
فقانون 02 مارس 1982 المتعلق بحقوق وحريات الجماعات والأقاليم
والجهات شكل قاطرة اللامركزية لأنه أعلن مدى الإصلاح المقترح وأكد الطموح
لبناء لامركزية حقيقية، لأن من بين أهدافه بناء صرح هيكلي ووظيفي لا مركزي
لاسيما تحويل السلطة التنفيذية للإقليم والجهة، إلغاء الوصاية الإدارية، تخفيف
الرقابة التقنية، التدخل الاقتصادي للجماعات الترابية وتحويل مصالح إدارية
وإمكانيات. مالية
قانون 07 يناير و 22 يوليو 1983 يشكلان قاعدة أساسية للبنية الهيكلية لنظام
توسيع اختصاصات الجماعات الترابية بفرنسا، توسيع الاختصاصات مبني على
مبدأ أساسي: فقط الدولة هي التي تتخلى عن اختصاصات كانت ممارسة من
لدنها من قبل، فالأمر يتعلق باختصاصات تتنازل عنها الدولة بمحض إرادتها إلا أن
التحويل. لا يفترض أي تحوير أو تغيير لمضمون الاختصاص المحول
وفي هذا الصدد نجد أن المشرع قد اختار منهج عَهْدِ المسؤولية الأساسية إن لم
تكن المسؤولية الكاملة لمنح كتلة أي مجموعة من الاختصاصات للجماعة الترابية
التي بإمكانها التكفل والتنفيذ بشكل جيد بهذه الاختصاصات، أما الفصل الثالث
من قانون 07 يناير 1983 فيؤكد هذا المبدأ ويقترح في نفس الوقت التمييز بين ما
سيعود للدولة وما سيتم وضعه على عاتق الجماعات الترابية حسب كل جماعة
ترابية. وما يلائمها
لكن الهوة بين المبدأ وتطبيقه أي بين النظرية والتطبيق فهذا شئ آخر فمن
جهة هنالك تداخل الاختصاصات بين مختلف الجماعات الترابية مما يعقد حتما
عملية اتخاذ بعض القرارات وهو أمر يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار ومن جهة
ثانية الدولة لم تتخلَّ عن مهمات تدعي الحكومة بأنها قد حولتها للجماعات
وذلك بدعوى أن هذه المهمات تشكل بالنسبة للدولة رهانا مهما وبدعوى كذلك
السهر على توافق وانسجام مختلف طرق التطبيق من طرف مختلف الجماعات
على réglementation الترابية وبالتالي فإن الدولة تحتفظ بحق سلطة التنظيم
المستوى. الوطني
توسيع الاختصاصات المُعتَرف به دستوريا للجماعات الترابية تم تأكيده بتعزيز
السلطة التنظيمية والتسيير الذاتي المالي لهذه الجماعات. فالفصل 72 من الدستور
الذي تم تعديله بالقانون الدستوري الأنف الذكر يبرز مبدأ التفريع حيث ينص
الجماعات المحلية لها الأهلية لاتخاذ قرارات في جميع مجالات اختصاصها » على أن
واعتبارا للفكرة التي يستند عليها البعض ومفادها أن «. وداخل دائرتها الترابية
لامركزية الاختصاصات تُتَخذ بتواز مع تنمية القدرة على التعبير التي يتمتع
بها المواطن ودون وسيط على المستوى المحلي فإن الدستور الفرنسي نص على
الديمقراطية المباشرة من خلال مبدأين اثنين: للجماعات الترابية الحق في تنظيم
استفتاءات ذات طابع تقريري وليس فقط ذو طابع استشاري حول قضايا تدخل
في إطار اختصاصاتهم وكذلك حق تقديم العرائض من طرف المواطنين المُنتَخِبين.
بالنسبة للجماعات الترابية الموجودة خارج التراب الفرنسي أي أقاليم وجهات ما
Guyane كويان Martinique مارتينيك Guadeloupe وراء البحار مثل كوادلوب
فقد. تم إعداد قوانين تنظيمية خاصة بها. Réunion أو رينيون
المرحلة التي تلت موجة تحويلات الاختصاصات بدأت مع قانون 13 غشت
2004 والمتعلق بحريات ومسؤوليات الجماعات الترابية. هذا القانون يقوم
بسرد مجموع الاختصاصات المحولة من الدولة إلى الجماعات الترابية. في هذا
الصدد، الدولة قامت بتعريف المبادئ التي تُحَدَّد على أساسها عملية التعويض
المالي لمواجهة الاختصاصات المحولة وتنظيم كيفية نقل الموظفين من الدولة إلى
الجماعات الترابية وكذلك الضمانات الممنوحة لهؤلاء الموظفين كما قامت الدولة
بتحديد ترتيبات تنظيم وتسيير المجموعات الجماعية حيث تم تبسيطها بشكل
توسيعه. ليشمل مجموع التراب الفرنسي
وبالتالي فقد تقرر بأن الجماعات الترابية المتطوعة يمكنها أن تقوم على سبيل
التجربة بعمليات في الميادين التالية: التدخلات الاقتصادية، تحويل المطارات،
القضاء على الأشياء الضارة والغير صحية. كذلك تمويل التجهيزات الصحية، المساعدة
في الميدان التربوي الممنوح من طرف العدالة إلى الأقاليم. تنظيم المدارس الابتدائية
والمحافظة على التراث. صناديق الاستثمار المُهَيْكلة الأوربية وهي صناديق تهدف
تمكين... يتبع دول الاتحاد الأوربي من تحقيق هدف تضامني فيما بينها
بقلم: عمر دغوغي الإدريسي مدير مكتب صنعاء نيوز بالمملكة المغربية.
[email protected] https://www.facebook.com/dghoughi.idrissi.officiel/