صنعاء نيوز - عارضت شخصيات سياسية عربية رفيعة رأياً لوزير الخارجية اليمني أكد فيه استفادة الولايات المتحدة والخارج بشكل عام من اضطرابات الشارع العربي الراهنة، نافية بصورة مطلقة أي دخل للولايات المتحدة في ما تشهده الساحة العربية من احتجاجات شعبية.

الثلاثاء, 29-مارس-2011
صنعاء نيوز -


جاء ذلك خلال ندوة إلكترونية أقامها مركز الدراسات العربي- الأوروبي ومقره باريس- وشهدت سجالاً ساخناً حول "دور الولايات المتحدة الأمريكية في الحراك الشعبي الذي تشهده بعض الدول العربية".


الدكتور أبو بكر القربي- وزير الخارجية- قال: أن الولايات المتحدة الأمريكية مستفيدة من الاضطرابات في العالم العربي، مشيراً إلى أن قضية الجهات الخارجية في الحراك الشعبي العربي فهي دائما تستغل أي اختلالات في أي دولة العربية وغير العربية وفقا لأجندتها ومصالحها، وبالتالي عندما يكون هناك مطالب مشروعة في أي بلد من البلدان تؤدي هذه المطالب إلى عدم الاستقرار تأتي هذه الجهات الخارجية للاستفادة منها- سواء كانت أمريكا أو غير أمريكا.


وأضاف القربى: اعتقد إن المناطق العربية تهتم بها أمريكا أو غير أمريكا لان الدول العربية مناطق حساسة وغنية ومليئة بالثروات المتعددة.


من جانبه، قال رئيس الوزراء الأردني الأسبق احمد عبيدات: ليس للولايات المتحدة أو غيرها دور في ما يجري من حراك شعبي عربي لأسباب ذاتية محضة، إلا أن الولايات المتحدة ترغب بشدة في أن يكون لها دور وتحاول استباق التطورات اعتماداً على علاقاتها القديمة مع أنظمة الحكم العربية التي تشهد حراكاً شعبياً ينادي بالإصلاح أو بالتغيير أملاً في أن لا تفقد جميع مواقعها وتأثيرها على هذه الأنظمة في المستقبل، ومن هذا المنطلق فإنها تبذل جهوداً حثيثة لترك انطباعات إيجابية لدى شعوب الوطن العربي وتتدخل أيضاً بصورة أكثر وضوحاً كما في الحالة اليمنية حفاظاً على مصالحها.


وتابع مستدركاً: إلا أن الوضع في ليبيا مختلف إلى حد ما، فقد أخذ التدخل منحىً مختلفاً فقد ساهمت الولايات المتحدة في إصدار قرار مجلس الأمن الدولي بفرض الحظر الجوي، وتطور موقفها بعد صدور القرار بحجة حماية المدنيين من قوات القذافي. وفي جميع الحالات فإن دولة بحجم الولايات المتحدة ومصالحها في الوطن العربي لابد وأن يكون لها اهتمام يتفاوت باختلاف الحالة، ولابد أن يكون لها أسلوبها في التدخل بما يتلاءم مع طبيعة وحساسية الحالة، آخذين بالاعتبار أن هناك قلقاً مشتركاً يتصل بإسرائيل وما يتعلق بمستقبل عملية السلام المزعومة في المنطقة.


من جانبه، قال المرجعية الإسلامية الإمام حسين المؤيد: أعتقد أن من الخطأ أن ينسب الحراك الجماهيري الذي تجسد في انتفاضات ثورية مجتمعية إلى مؤسسات أو أجهزة أمريكية أو غربية كما يحاول البعض عمدا أو سذاجة إن يصور.


وأضاف المؤيد ان مشكلة البعض انه لا يستطيع ان يتصور ان الجماهير العربية قادرة على أخذ زمام المبادرة في اللحظات التاريخية الحاسمة والمنعطفات المصيرية في حياتها، كما ان البعض يحاول ان يصور أمريكا والغرب إلهين لا يمكن لحركة أو سكنة أن تبرز على الساحة الدولية إلا بإرادتهما وإدارتهما وتدبيرهما ويتناسى قوانين الحركة الاجتماعية وسنن التاريخ في المجتمعات البشرية.


ورأى المؤيد أن: لا أحد من ذوي الألباب السليمة يمكن أن يصدق بأن بوعزيزي قد أحرق نفسه بدفع أمريكي ليشعل انتفاضة ثورية جماهيرية في تونس، ولا أحد يمكن أن يصدق بأن شباب مصر -بما عبروا به عن وعي سياسي عميق و حركة حضارية متينة صاروا بهما محورا يلتف حوله أبناء مصر في ثورة لم تشهد لها مصر مثيلا في تاريخها الضارب في القدم- قد ربطوا بخيوط كما تربط الدمى التي تحركها من خلف المشهد أياد ماهرة لتقديم عرض على المسرح.


وأكد المؤيد: إن هذا الحراك الجماهيري ما هو إلا نتاج عوامل متعددة وتفاعلات مرت بها المجتمعات التي شهدت هذا الحراك الذي تفجر في لحظة زمنية رخوة وتدفق بكل قوة ليرسم معالم التغيير.


وأضاف المؤيد لا شك في أن في أمريكا والغرب من يريد أن يبرز العامل الأمريكي والغربي كعامل فاعل في هذا الحراك عن قصد خبيث فهو من جهة يعمل على تضخيم القدرات السياسية والإستخبارية الغربية لتبقى صورة أمريكا والغرب على شكل هيولى غامضة وإخطبوط ضارب في كل مكان لأن هذه الصورة تخدم سياسات الهيمنة على العالم، ومن جهة ثانية يراد أن تفقد الأمم الثقة بنفسها وبطاقاتها الخلاقة وقدراتها في تجسيد إرادتها وإستقلالها، ومن جهة ثالثة يراد تشويه الصورة العظيمة التي أذهلت العالم كله لهذه الثورات الجماهيرية العربية وإنزالها الى مستوى هابط يظهر الشارع العربي وكأنه واجهة لعبث الأجانب وألاعيبهم ومخططاتهم، ومن جهة رابعة يراد أن يدب الإحباط الى نفوس الجماهير العربية التي تحرك وجدانها لكي تخلد الى الهوان، ومن جهة خامسة يراد الإيحاء الى الجماهير ورموزها و كوادر ثوراتها الحاضرة والمستقبلية بأن أي حراك مهما تعاظم حجمه لن يتم الا بالتنسيق مع القوى الكبرى وعقد الصفقات معها وهذه محاولة لإبتزاز الشعوب والقيادات الثورية لها إنعكاسات جد خطيرة على الإرادة الثورية والخط السليم الذي يجب أن تستمر فيه الثورات من أجل الوصول الى أهدافها الحقيقية وراء التغيير.


وتابع: أن الأنظمة المتهرئة وأزلامها يريدون أن يعيبوا الحراك الجماهيري ضدهم عبر وصفه بالتبعية للخارج عجزا منهم عن إدراك الواقع ومحاولة لإضعاف هذا الحراك والاستهتار به وخلق المبررات لضربه.


وأضاف المؤيد: ربما تعمل مؤسسات وأجهزة أمريكية أو غربية من خلال خطط مبيتة للدخول على خط الثورات وتوظف الفيسبوك وغير ذلك من وسائل عصرية لهذا الهدف الا أن من المؤكد أن ذلك بمجرده لن يصنع ثورة مستعدة للتضحية في سبيل أهدافها ولن يقيم حراكا حقيقيا يتجاوب معه الوجدان الجماهيري ويتناغم مع مطالبه وآفاقه المستقبلية الواعدة. ومن الممكن أن تتخذ أمريكا والغرب سياسات معينة في التأثير على الأحداث من خلال عملائها وحلفائها الداخليين لتظهر الأمور وكأنها تدار من الخارج أو بهدف إظهار التأييد للثورات بغية إحتوائها والالتفاف عليها فيما بعد أو انطلاقا من رؤية تقضي بأن هذا التدخل يتيح لأمريكا والغرب توجيه الأمور والسيطرة عليها، الا أن ذلك كله لن يفقد الحراك الشعبي أصالته ومصداقيته.


وتابع: كما أن من الخطأ الفادح النظر بحسن نية إلى الأدوار الأمريكية والغربية التي ربما تبدو للوهلة الأولى من خلال التصريحات والتحركات المعلنة وكأنها مع نهضة عربية تكسر من خلالها الشعوب عن معاصمها المكبلة قيود الذل والهوان وتنطلق نحو الحرية والكرامة والاستقلال لتقيم تنمية شاملة تأخذ بها الى ذرى المجد والتقدم والرقي والعدالة الاجتماعية التي تحررها من كل ألوان التبعية للأجنبي، فهذه نظرة طوباوية مضحكة تستحق الإشفاق والسخرية بدلا من الإصغاء والقبول. ولعل مرورا سريعا على كل الأحداث الثورية التي تحققت الى يومنا هذا والمواقف الأمريكية والغربية إزاءها تكشف بوضوح عن ذلك الخطأ الفادح وبالتالي تحول دون تصور دور أمريكي او غربي إيجابي في هذا الاتجاه.


وقال المؤيد: إنني اعتقد بأن الحراك الجماهيري في بلداننا العربية له مصداقية عالية وأن الدور الأمريكي والغربي يتجسد في محاولات ركوب الموجة أو الالتفاف على الثورات العربية لحرفها عن مسارها الصحيح، ومحاولات السيطرة على الحراك الجماهيري وتوجيهه الوجهة التي تخدم المصالح الأمريكية سواء من خلال العمل على إبراز شخصيات مرتبطة أو مستعدة للتفاهم مع أمريكا لتولي مقاليد الأمور، أو خلق فتنة داخلية لحرف مسار الثورة وإيجاد واقع مغاير، او الإيحاء ببدائل فكرية أو عملية لو قدر الأخذ بها تكون الثورة قد إحتويت أو أفرغت من مضمونها الحقيقي وربما انعكست السلبيات على خريطة الأرض والشعب.


وهذه محاولات من الطبيعي أن تقوم بها القوى الكبرى لضمان مصالحها وهيمنتها على الواقع. ومن هنا فإننا في الوقت الذي نؤكد فيه على أصالة الحراك الشعبي في مجتمعاتنا العربية فإننا نحذر من تلكم المحاولات التي تهدف الى إجهاض هذا الحراك وتفريغ مضمونه وحرفه عن أهدافه الحقيقية.


من جانبها قالت القيادية في الحركة العالمية لمناهضة العولمة والحرب د. نهلة الشهال: لا أظن أن للولايات المتحدة دور في الثورات العربية، بل أعتقد أن طرح السؤال بمثل التكرار الذي يرد به يستعيد مرضاً من أمراض ماضينا الذي ما زال قريباً، أي عدم الثقة بالنفس، واعتبار أننا دوما موضع تلاعب الآخرين، بل وأنهم يقررون لنا، والأدهى من دون أن ندري كما المغفلين! والتأكيد على أنه ليس للولايات المتحدة دور وأنها ثورات أصيلة لا يعني أن الولايات المتحدة لا تتدخل ولا تحاول أن تكون ذات تأثير في مجريات الأمور. ولكنها لم تصنعها، ولا تتمكن على الأغلب من تسييرها، وإن نجحت هنا او هناك ببعض الأثر. وبالطبع فالمعطيات تختلف من واقع إلى آخر، وكذلك جملة من العوامل التي تجعل مستوى السعي الأمريكي للتدخل، مباشرة أو عبر حلفاء لها في المنطقة، متفاوت الإلحاح والنجاح. ولكن تبقى هذه الثورات بنات مجتمعاتها أولا وقبل كل شيء.
تمت طباعة الخبر في: الأحد, 24-نوفمبر-2024 الساعة: 01:24 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.sanaanews.net/news-7615.htm