صنعاء نيوز - بدأت

الأربعاء, 30-مارس-2011
صنعاء نيوز -
كريستوفر بوسيك -
بدأت 'القاعدة' منذ الآن تستفيد من اضطراب الوضع في اليمن، فقد عزز مقاتلوها اعتداءاتهم على قوى الأمن اليمنية وحواجز التفتيش، ومع زيادة هشاشة النظام، يتعلق الخوف الراهن بتصعيد حجم هذه الاعتداءات، وبينما ينشغل النظام بالأزمة السياسية الراهنة، تحصل 'القاعدة' على مجال أكبر للتخطيط لعمليات جديدة وتنفيذها.


في منطقةٍ تنتشر فيها التظاهرات بسرعةٍ غير مسبوقة، يجب أن تولي الولايات المتحدة انتباهاً خاصاً للاحتجاجات المتصاعدة في اليمن تحديداً، فـ'القاعدة في شبه الجزيرة العربية'- التي تُعتبر أكبر تهديد على المصالح الأميركية من بين جميع فروع 'القاعدة'- تتخذ من هذا البلد الهش ملجأً لها، إذ سيؤدي تدهور الأوضاع بعد انهيار النظام اليمني إلى زيادة الأمور سوءاً بالنسبة إلى الولايات المتحدة.


يواجه الرئيس صالح الآن أكبر تحدٍ له في سنوات حكمه الذي دام 32 عاماً، بعد حصول انشقاقات عن القبائل والنظام والجيش، فضلاً عن وقوع فصول عدة من أعمال العنف التي أسفرت عن مقتل حوالي مئة محتج، لكن لا تتعلق المسألة الأساسية بواقع تنحيه عن السلطة أو بمعرفة هوية خلفه، بل بطريقة إدارة المرحلة الانتقالية لتجنب اندلاع أعمال العنف وضمان عدم حصول 'القاعدة' على مجال أكبر للتحرك.


إن انعدام الاستقرار ليس وضعاً غريباً على اليمن... قبل انطلاق الاحتجاجات في 20 يناير، كان اليمن يواجه أصلاً مجموعة مخيفة من التحديات الأمنية والاقتصادية والحكومية، فقد تدهورت، في الأساس، الأمور على جميع الصعد، إذ تزداد وتيرة العنف على يد حركة انفصالية في الجنوب، وتنتشر حركة تمرد الحوثيين القائمة منذ سبع سنوات في محافظة صعدة الشمالية، فضلاً عن استئناف نشاطات 'القاعدة' التي عادت للظهور. لكن يتمثل أكبر تحدٍ في وجه استقرار اليمن بالتدهور الاقتصادي السريع الذي يؤدي إلى تفاقم جميع المشاكل الأخرى، ففي هذا البلد الذي يُعتبر الأفقر في العالم العربي، تزداد حدة الفقر المدقع وترتفع مستويات البطالة بسبب الفساد المتفشي في البلاد والنمو السكاني الهائل.


يواجه البلد أيضاً عجزاً في الموازنة بنسبة 27% هذه السنة، ومن المتوقع أن يُستنزف النفط- أهم مصدر للدخل في اليمن- في العقد المقبل، فضلاً عن ذلك، تراجع احتياطي العملات الأجنبية لعام 2010 بـ500 مليون دولار (أي بنسبة 10% تقريباً)، وبدأت العملة المحلية، الريال اليمني، تفقد قيمتها.


من الواضح أن الظروف الراهنة لا يمكن أن تستمر لفترة طويلة، ولن يتمكن صالح من البقاء في السلطة حتى عام 2013، وقد اعترف النظام بذلك، فقد أعلن المسؤولون أن صالح وافق على التنحي، ولكنه سيفعل ذلك بطريقة منظمة، فلم يتحدد بعد شكل العملية الانتقالية أو الآلية التي ستُطبق لتنفيذها، ولاتزال هوية الشخص الذي سيخلفه مبهمة.


حين أعلن أقوى قائد عسكري في البلاد، الجنرال علي محسن الأحمر، أنه سينضم إلى المحتجين، بدا وكأن البلد يتجه نحو حرب أهلية، ويبدو أن علي محسن نصب نفسه في دور القائد الذي سيدير اليمن بعد رحيل صالح، وهو يسعى مع القوى العسكرية الموالية له إلى التماشي مع مصالح البلاد، لا مع نظام صالح.


قبل وقوع الأزمة الراهنة، طُرح اسم علي محسن كخلف محتمل لصالح، ويعتبر بعض المحللين الآن أنه يطمح إلى تولي المنصب الرئاسي، لكن يبدو أن علي محسن يريد تأدية دور الشخصية النافذة التي تؤثر في اختيار الأسماء في المناصب العليا.


لايزال الاحتمال قائماً بحصول مرحلة انتقالية ناجحة تتم إدارتها والتفاوض بشأنها بالشكل المناسب. على الرغم من استمرار المخاوف من اندلاع حرب أهلية، يبقى هذا الاحتمال النتيجة الأقرب إلى الواقع في اليمن. لقد شملت معظم الأحداث التي وقعت في اليمن خلال الشهرين الأخيرين نُخَب البلاد التي تسعى إلى تعزيز مكانتها قبل عقد أي مفاوضات. لكن نادراً ما يتخذ أي شخص في اليمن موقفاً علنياً بشأن أي مسألة كانت قبل ضمان موقعه أولاً.


لطالما حاول صالح تهدئة المحتجين، أولاً عبر إعلانه عدم ترشحه لولاية رئاسية أخرى، ثم عبر تقديم حوافز اقتصادية كبرى. تسري شائعات كثيرة الآن مفادها أنه يتفاوض بشأن طريقة تنحيه، وعلى الأرجح بشأن شروط رحيله. لكن يمكن أن يغرق البلد بسهولة في العنف، حيث يتجه الجيش الآن نحو تقليص حدة الاحتجاجات وتجنب مواجهة مفتوحة، لكن الشعب هو على درجة عالية من التسلح؛ ثمة 60 مليون سلاح في بلد يضم 23 مليون نسمة... إنها وصفة لكارثة محتومة!


بدأت 'القاعدة' منذ الآن تستفيد من اضطراب الوضع، فقد عزز مقاتلوها عدد اعتداءاتهم على قوى الأمن اليمنية وحواجز التفتيش. مع زيادة هشاشة النظام، يتعلق الخوف الراهن بتصعيد حجم هذه الاعتداءات، وبينما ينشغل النظام بالأزمة السياسية الراهنة، تحصل 'القاعدة' على مجال أكبر للتخطيط لعمليات جديدة وتنفيذها.


بغض النظر عن رأينا في النظام، لابد من الاعتراف بأن صالح كان شريكاً قيماً للولايات المتحدة في مجال مكافحة الإرهاب، ومن حق المسؤولين أن يبدوا قلقهم بشأن أداء الرئيس المقبل ومدى مرونته في التعامل معهم.


من المتوقع أن يكون النظام المقبل أكثر استجابة للشعب اليمني، ويسود أصلاً كره ملحوظ للسياسة الأميركية في اليمن، ولا تحظى العمليات الأميركية الهادفة إلى مكافحة الإرهاب بأي تأييد شعبي.


حان الوقت كي يستلم زعيم جديد دور القيادة، إذ يحتاج اليمن إلى نظام قوي لمواجهة صراعاته الداخلية، ومن مصلحة واشنطن الآن أن تعمل على منع البلد من الغرق في أعمال العنف خلال المرحلة الانتقالية. بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي والمملكة العربية السعودية- التي تُعتبر أقوى دولة مجاورة لليمن، وشريكته الأولى، وأهم دولة مانحة له- يجب أن تسعى الولايات المتحدة إلى ضمان تنحي صالح وانتقال السلطة بطريقة سلمية.
"الجريدة "
تمت طباعة الخبر في: الأحد, 22-ديسمبر-2024 الساعة: 02:54 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.sanaanews.net/news-7623.htm