صنعاء نيوز/ الدكتور عادل عامر -
شهد الداخل الإسرائيلي والإيراني على التوالي تغييرات سياسية على مستوى الحكومات، وجاءت نتائج الاستحقاقات الانتخابية في كل منهما متوافقة مع ما سبقها من تطورات، وألقت هذه التطورات السياسية الداخلية في تل أبيب وطهران بظلالها على المشهد السياسي في البلدين، ويُتوقع أن يكون لها أثر على مسار الصراع غير التقليدي بين الطرفين، والذي اشتد خلال الأشهر الماضية، مُتخذاً أبعاداً جديدة.
تبادل الجانبان الإيراني والإسرائيلي ردود الفعل حول ما آلت إليه نتائج الاستحقاقات الانتخابية وما تبعها في الدولتين، فسرعان ما أعلنت طهران عن ارتياحها لرحيل رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق، بنيامين نتنياهو، وجاء ذلك على لسان المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، سعيد خطيب زاده، يوم 13 يونيو الجاري بقوله: "رحل أعداء بلادنا"، لكنه في الوقت نفسه استبعد حدوث أي تغيير في سياسة إسرائيل الخارجية والأمنية تجاه إيران، أو في موقف طهران من "عدوها التقليدي" إسرائيل.
ترفض إسرائيل أي اتفاق دولي من شأنه إضفاء الشرعية على البرنامج النووي الإيراني، وتقود في هذا السياق جهوداً للضغط على الولايات المتحدة للاستمرار في الانسحاب من الاتفاق الذي وقعته مجموعة (5+1) مع طهران في عام 2015، وذلك قبل أن تنسحب إدارة الرئيس السابق، دونالد ترامب، من هذا الاتفاق في عام 2018.
وأعلنت إسرائيل رفضها المفاوضات مع طهران، مؤكدة أن الانخراط معها في اتفاق نووي هو "خطأ كبير"، وأنها لن تسمح باستكمال البرنامج النووي الإيراني، وهو ما أكده رئيس الوزراء الإسرائيلي، نفتالي بينيت، خلال جلسة منح الثقة للحكومة في الكنيست، قبل أن يتخذ قراراً بإلغاء حظر مناقشة الاتفاق النووي مع المسؤولين الأمريكيين، والذي فرضه رئيس الحكومة السابق، نتنياهو؛ وذلك في محاولة من بينيت للاستفادة من الفرصة الأخيرة التي ستستمر لحوالي شهر قبل تنصيب رئيسي، للتأثير على الإدارة الأمريكية للعدول عن الانخراط في الاتفاق النووي مجدداً، أو على الأقل تحسين شروطه، في ظل توقع أن تكون المفاوضات مع حكومة رئيسي أصعب وأقل مرونة.
وفي المقابل، تعمل إيران حالياً على استكمال مفاوضات فيينا مع القوى الدولية المعنية، وبحضور أمريكي عبر وسطاء، للوصول إلى اتفاق يضم الولايات المتحدة، ويتوافق مع شروط طهران. فيما تشير التصريحات الإيرانية والغربية إلى أن أغلب البنود الخلافية بين الجانبين قد تم التوافق بشأنها، في الوقت الذي تسعى فيه كل الأطراف المعنية إلى إسراع التوصل لصيغة نهائية للاتفاق الجديد قبل انتقال السلطة للرئيس الإيراني الجديد، إبراهيم رئيسي، في أغسطس المقبل، والذي أكد بدوره في 21 يونيو الجاري دعمه مفاوضات فيينا، مع تحقيق المطالب الإيرانية، وعدم التفاوض على أي قضية خارج إطار الاتفاق النووي؛ وذلك في إشارة إلى رفض رئيسي تضمين أي اتفاق جديد البرنامج الصاروخي لإيران وتدخلاتها الإقليمية.
ومن جانبها، اهتمت الدوائر الإسرائيلية على اختلافها بفوز إبراهيم رئيسي في انتخابات الرئاسة الإيرانية، حيث وصفت الخارجية الإسرائيلية رئيسي بأنه "الزعيم الأكثر تطرفاً في إيران"، وأنه سيعمل على تسريع البرنامج النووي العسكري الإيراني. كما غرّد المتحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية، ليئور هايات، على موقع تويتر، يوم 19 يونيو الجاري، قائلاً: "إن انتخاب رئيسي ينبغي أن يثير قلقاً شديداً لدى المجتمع الدولي". كذلك ناقش اجتماع وزارة الدفاع الإسرائيلية، الذي عُقد في 17 يونيو الحالي، توجهات رئيسي وتأثيرها على مستقبل الملف النووي، وإدارة العلاقة الصراعية مع إسرائيل، ونشاطات إيران خارج حدودها.
أما الدوائر البحثية في تل أبيب، فقد استبعدت أن يشكل رئيسي تغيراً في السياسة الإيرانية الخارجية، حيث اعتبرت مسؤولة الملف الإيراني في المعهد الإسرائيلي للدراسات الاستراتيجية "INSS"، سيما شين، "أن المرشد الأعلى علي خامنئي هو المقرر للسياسة الخارجية والداخلية في إيران، وأن تسهيل وصول رئيسي إلى مقعد الرئاسة، إنما يهدف إلى تحضيره لخلافة خامنئي".
يبدو أن الحرب الخفية الطويلة وغير المعلنة بين اثنين من أكثر الخصوم في الشرق الأوسط عنادا وتصلبا؛ إيران وإسرائيل، آخذة بالاستعار. فإيران ألقت باللائمة على إسرائيل بالوقوف وراء انفجار غامض وقع في عطلة نهاية الأسبوع قطع الطاقة عن منشأتها لتخصيب اليورانيوم في نطنز.
ولم تقل إسرائيل علنا أنها تقف وراء ما وصفته إيران بـ "فعل تخريبي"، بيد أن وسائل إعلام أمريكية وإسرائيلية نقلت عن مسؤولين إسرائيليين قولهم إنه نُفذّ بواسطة جهاز الاستخبارات الخارجية الإسرائيلي، الموساد. وقد تعهدت إيران برد انتقامي "في وقت تختاره".
ولم تكن تلك حادثة منعزلة، إذ جاءت في أعقاب تصعيد تدريجي لأفعال عدائية متبادلة بين البلدين تواترت في سياق تصعيدهما للحرب السرية بينهما، على الرغم من أنهما يحرصان - حتى الآن - على تجنب الصراع الشامل الذي سيكون مدمرا بشكل كبير لكلا البلدين.
أن انتخاب المحافظ المتشدد إبراهيم رئيسي رئيسا لإيران "ينبغي أن يثير قلق المجتمع الدولي"، معتبرا أن الرئيس الجديد "ملتزم بالبرنامج النووي العسكري" الإيراني. إن مصير الاتفاق النووي الإيراني مع مجموعة (5+1) الدولية على ضوء نتائج مفاوضات فيينا الجارية في هذا الشأن، يظل محدداً مهماً لسياسة إيران وإسرائيل تجاه بعضهما البعض، خاصة مع تولي حكومتين جديدتين المسؤولية في البلدين،
وبالتالي سيكون الأمر إما العودة إلى "العلاقات العدائية المنضبطة" - إذا جاز التعبير-، أو الوصول إلى مستوى جديد من التوتر والتصعيد المتبادل. طبيعة العلاقات بين الطرفين لم تكن خفية على المجتمع الإسرائيلي أو الباحثين في هذا المجال ففي كتاب حلف المصالح المشتركة ، (التعاملات السرية بين إيران وإسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية) لتريتا بارزي، يقول البروفيسور ديفيد مناشري من جامعة تل أبيب، والخبير الأول في الشؤون الإيرانية في (إسرائيل)، " طوال فترة الثمانينات، لم يقل أحد في (إسرائيل) شيئاً عن وجود خطر إيراني، لم يتفوه أحد حتى بهذه الكلمة" ففي ذروة الحماسة الإيديولوجية في إيران، كانت تخشى (إسرائيل) انتصارا عراقيا، واستبعادها وجود خطر إيديولوجي إيراني والجهود التي بذلتها (إسرائيل) لاستعادة إيران في إطار المبدأ المحيطي، مهد الطريق أمام قيام (إسرائيل) بتسليح إيران ، والسعي إلى خفض التوترات بين واشنطن وطهران،
والحرب أثبتت صحة اعتماد (إسرائيل) على المبدأ المحيطي ، واستمر عدد كبير من قيادات (إسرائيل) بالاعتقاد بان إيران حليف طبيعي(لإسرائيل)، كان وقف صدام الهدف الأكبر أهمية ، و"إذا كان يعني ذلك تلبية طلبات الأسلحة الذي يريد شرائها الإيرانيون كسبب لمنع حدوث انتصار عراقي ليكن ذلك" ديفيد كيمشي المدير العام لوزارة الخارجية الإسرائيلية..
أما بخصوص التهديدات التي يطلقها الإيرانيون حول سحق (إسرائيل) فإن بعض المحللين ربطها بلعبة تجارية تريد من ورائها إيران رفع أسعار النفط كونها من كبرى المصدرين للنفط والغاز في العالم، وكذلك فإن أي حرب مقبلة مع إيران
فإنها محسومة سلفاً لصالح (إسرائيل) لذلك القادة الإيرانيين يعلمون ذلك جيدا كون (إسرائيل) تمتلك من 200 إلى 250 رأس نووي وصواريخ بالستية قادرة على الوصول إلى عمق إيران وفي حال تعرضت لضربة، فإنها تمتلك غواصات ألمانية تستطيع إطلاق رؤوس نووية لن تتوانى في استخدامها في حال تعرضت للضرب من قبل إيران لذلك هي حسمت طبيعة العلاقة مع (إيران) من خلال معادلة القوة إن لم يكن بمعادلة المصالح في منطقة الشرق الأوسط. |