صنعاء نيوز - وآلية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أهم الوسائل التي تحصن المجتمع ضد الانحراف والجريمة لأنها تخلق رأياً عاماً، وهذا الرأي العام سيُنمي الأجواء

الثلاثاء, 25-يناير-2022
صنعاء نيوز/ بقلم : سري القدوة -
بقلم: عمر دغوغي الإدريسي مدير مكتب صنعاء نيوز بالمملكة المغربية[email protected] https://www.facebook.com/dghoughi.idrissi.officiel/
وآلية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أهم الوسائل التي تحصن المجتمع ضد الانحراف والجريمة لأنها تخلق رأياً عاماً، وهذا الرأي العام سيُنمي الأجواء الإيجابية في المجتمع، ويقلع الأجواء السلبية. قال الإمام أبو زهرة: (إنه في سبيل تهذيب الأفراد أوجب أن يكون هنالك رأي عام مهذب ملائم يحث على الخير وينهى عن الشر، يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، فإن الرأي العام له رقابة نفسية تجعل كل شرير ينطوي على نفسه فلا يظهر، وكل خير يجد الشجاعة في إعلان خيره.
ولأهمية ذلك جاءت دعوة الإسلام بقيام جماعات ومؤسسات وحركات تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر تحت ظل الآية الكريمة (ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر) وذلك لضمان استقامة المجتمع ونظافة مسار حركته باتجاه الإصلاح والخير، ويتجلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الجمعيات الخيرية ومؤسسات النفع العام التي تعمل لصالح المجتمع في مجالات الرعاية الاجتماعية والصحية والحماية من الثقافات الهدامة وجمعيات حماية الأطفال من الانحراف شكل من أشكال هذه الجمعيات التي تعمل في إطار الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
العقاب العادل هو الوسيلة الوحيدة التي تردع من شب على الجريمة ولا سبيل لإصلاحه إلا بمعاقبته العقاب الذي يستحقه، ولهذا اهتم الإسلام بالقضاء وأعطيت هذه المهمة إلى رئيس الدولة، فهو المسؤول عن القضاء فقد كان الخلفاء الراشدون هم الذين يفصلون في القضايا إضافة إلى وظيفتهم الأساسية في إدارة الدولة، وذلك لحساسية هذه المهمة لأنها تتعلق بتثبيت الحق من خلال معاقبة المسيء والإحسان إلى المحسن.
وقد وضع الإسلام حدوداً لمواجهة الأشرار رأفة منه بالمجتمع الذي تهدده الجريمة إذا لم يُستخدم أساليب الرد.
ويأتي دور القضاء بعد استنفاذ كل الوسائل والطرق في مكافحة الجريمة، بعد استنفاذ وسيلة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وعجز المجتمع عن استئصال الجريمة بالطرق السلمية، فكان لابد من اللجوء إلى آخر الدواء وهو القضاء ليحكم القاضي بحكم الله ويصدر حكماً رادعاً يرتدع منه المنحرف ويمنعه عن مواصلة انحرافه، ويمنع من تسول له نفسه العبث بأمن الناس وأمن المجتمع.
إذاً الأمن الاجتماعي بحاجة إلى العصا الغليظة أيضاً كما هو بحاجة إلى الكلمة الطيبة، فلولا الصرامة التي تواجه بها اللصوص لواصلوا تطاولهم على أموال الناس وممتلكاتهم، ولكي تصبح القوة إشارة رادعة تمنع الآخرين من ممارسة اللصوصية. وهكذا نجد أن مساحة الأمن الاجتماعي هي مساحة كبيرة تشملُ مختلف الأساليب والطرق والآليات فكل ما يؤثر في الأمن يؤخذ بنظر الاعتبار عند المخططين للأمن الاجتماعي.
وتقوم بمساعدة القضاء أجهزة أمنية تسهر على راحة المواطنين فهي تؤدي دوراً كبيراً هي العين الحارسة على مصالح الناس وأرواحهم وهي تنشط عندما تجد ثغرة أو انحرافاً فتُسارع في التدخل واتخاذ الأجراء اللازم ويُشكل وجود هذه الأجهزة قوة رد تمنع الأشرار من العبث بمقدرات الناس.
وتقوم الدول بتطوير أجهزتها الأمنية وتمنحها صلاحيات واسعة في إقرار الأمن، لكن ما يُخشى عليه أن تتحول هذه الأجهزة بسبب اتساع صلاحياتها إلى التمادي فتتحول هي بنفسها إلى سبب في عدم الاستقرار، وانعدام الأمن كما نُشاهد ذلك في البلدان البوليسية التي تسيطر عليها الأجهزة الأمنية العابثة بمقدرات الناس، لكن وجود القضاء العادل هو الذي يمنع ايضاً هذه الأجهزة من التمادي، ويضعها عند حدود مسؤوليتها دون تجاوز الصلاحيات الأمنية الممنوحة لها من قبل القوى الأمنية الصالحة.
الذنوب التي يرتكبها الإنسان ذات بعد اجتماعي حتى لو كان ذلك الذنب هو الإفطار في شهر الصيام، فكيف لو تم هذا الافطار من زنا، فهناك مجموعة من الذنوب التي يرتكبها المسلم لها آثار اجتماعية وخيمة، ومن أجل تصحيح الموقف كان لابد لمن ارتكب الذنب أن يعوض المجتمع بجزء من ماله لإطعام ستين مسكيناً أو عشرة مساكين في بعض الموارد، ويُسمى هذا المال الذي يدفعه المسلم عوضاً عن ارتكابه لهذا الذنب بالكفارة.
فالكفارة إذاً هو وسيلة من وسائل تحقيق الأمن الاجتماعي فهو من ناحية يمنع التجاوز على قيم وضوابط المجتمع بتشريع الضريبة المالية الموجعة في بعض المرات، ومن جانب آخر يعوض المجتمع بالأخص الطبقة الفقيرة بمقدار من المال عند قيامه بالتجاوز فعلاً.
ولاشك ان هذا الأسلوب (الكفارات) يقوم على فكرة واقعية وراقية هي إن للذنوب التي قد يرتكبها المسلم آثارا اجتماعية، وانها تتسبب في فقد التوازن الاجتماعي ومن أجل إعادة هذا التوازن للمجتمع لابد من توجيه عقوبة مالية لمرتكب الذنب، وهي مقدار من المال تصرف على فقراء المجتمع.
لشدة اهتمام الإسلام بالأمن الاجتماعي حدد لنا أربعة أشهر حرم يحرم فيها القتال، كما وحدد بعض الأماكن المقدسة التي يحرم فيها حمل السلاح كالمسجد الحرام، وهذا يعني في الواقع إن الإسلام ضد الحرب والقتال وانه دين السلام والمحبة، وانحصار الأشهر الحرم بأربعة أي ثلث السنة لا يعني أنه يدعو إلى القتال في الأشهر الأخرى بل هو من باب تدريب الناس على التعايش السلمي والابتعاد عن الحرب حدد هذه الأشهر الأربعة لتتأصل هذه العادة في النفوس التي اعتادت على التصارع والقتال والعنف ثم لتتحول إلى قيمة اجتماعية وحضارية.
ونقف عند نقطة أخرى، فمهما اشتد أوار الصراع في الأرض فثمة أماكن آمنة حددها الإسلام يستطيع أن يلتجأ إليها الإنسان الخائف على حياته، ففي هذه الأماكن سيجد مأمنه ويزول عنه الخوف حيث ليس هناك من يهدده في حياته أو ماله.
وهذا مما يمنح الإنسانية مقداراً من الشعور بالأمن والاستقرار بأن ثمة أماكن يمكن له أن يطمئن اليها على حياته مهما كانت الخطورة الموجهة إليه.
وهذه الفرصة يمنحها الإسلام للإنسان الخائف على حياته بسبب اعتداء ظالم موجه إليه وهو بالطبع لا يشمل المجرمين الذين يفرون إلى هذه الأماكن للتخلص من العقاب فهؤلاء لا يحصلون على هذا الامتياز حيث يضيق عليهم حتى يخرجوا من هذه الأماكن لينالوا جزاء أعمالهم... يتبع
تمت طباعة الخبر في: الأحد, 24-نوفمبر-2024 الساعة: 12:00 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.sanaanews.net/news-81475.htm