صنعاء نيوزنبيل حيدر -
أحلامنا مشروعة، وقابلة للتحقق، نحن البسطاء لا نريد الشيء الكثير، وإذا أردناه فنريده في النور، في الضوء، ولا نخاف من الضوء، فليس له نيران تلسعنا، ولا لنا أجنحة فراشات نخاف أن تحترق.
> نريد وطناً خالياً من كل أنواع وأشكال الدجل والخداع وادّعاء النقاء، نريد وطناً يعترف بالإنسان بصفته إنساناً لا بصفته ينتمي إلى ظهر قبلي أو فخذ حزبي أو رُكبة مناطقية.
> نريد وطناً يؤمن فيه الجميع بالجميع، والفرد بالفرد، وطناً خالياً من التعالي والنرجسية ونظرة الأفضلية والأحقّية.
> نريد وطناً يعترف بالحق حقاً قوياً، وينظر إلى الباطل باطلاً زهوقاً، نريد حقوقاً وواجبات معترفاً بها، مُمارساً تطبيقها بلا استثناء أو استحياء.
> لسنا كجهنم التي تقول هل من مزيد عندما نطلب كل الحقوق وكل الواجبات، لكننا نخاف من الجهنّميين الذين يريدون المزيد لأنفسهم ولأحلافهم ولِمَنْ يواليهم ولا يوالي غيرهم، وهؤلاء هم الذين لا يريدون وطناً كما نتمناه ونتخيله ونحلم به، فنحن نريد وطناً يُدار بشفافية ويحكم بشفافية ووضوح، وأولئك يريدون وطناً يديرونه من غرف مغلقة وفي مجالس محصورة.
> الجهنّميون يريدون أن يحظوا بوطن يحرّكونه بـ «ريموت كنترول»، ونحن نريد وطناً يحرّكنا بحبّه وبالولاء له وبالحفاظ عليه وبالعمل من أجله، لأننا ندرك أن العمل من أجله هو من أجل أنفسنا، ولا عيب في ذلك ولا ضير منه، وأكثر من هذا لا نريد.
> نعم، نريد وطناً يتحكم في أبنائه ولا نريد أبناءً يتحكمون في وطنهم تحكّم العابث الفاسد الأناني المفرط في الأنا، وكم تجرّعنا مرارة الأنا، وأقوال «لولا أنا ولولا نحن لما كان هذا الوطن»، لولا نحن ما قامت الثورات، ولولا أنا ما بنيت الأمجاد ولا عاش مَنْ عاش متمتّعاً بالقدرة على التنفس.
> تعبنا من كل المواكب التي ترى نفسها أكبر من إشارة المرور، وهي تقول إن كسر الإشارة لا يعني إلا أنها أكبر من الوطن ويحق لها كسره متى تشاء ويحق لها إصدار الأوامر بجبر كسره متى تشاء.
> نعم، تعبنا من دعاة حماة الوطن وحماة القيم والدين، قرفنا من محاولاتهم الممقوتة للوصاية على كل شيء وادّعاء الفهم والقدرة في كل شيء، أرهقونا وأرهقوا ذرات الأوكسجين بثقالة عقولهم وتصرفاتهم وجحافل الحقد التي تحملها جِمالهم المتخرجة من مدارس جَمَل المعصرة.
> لذلك كله، وبسبب ذلك كله، نريد وطناً طبيعياً، وطناً نقياً غير مصنوع من التمر، حتى إذا جعنا أكلناه.
> نريد وطناً لا يرهبنا فيه الثائر، ولا يضحك علينا الفاسد، ولا يزور ذاكرتنا الناقم، ولا نرتهن فيه لحاكم أو لحزب أو لولاء ضيق.
> نريد وطناً قبل أن تُسأل فيه عن اسمك تُسأل عن حقك الضائع واسم مَنْ نهبه ثم ملاحقته، نريد وطناً ينتصر للضعيف ولا يخدعه بالوعود المعسولة الدخانية.
> نريد وطناً يفخر بالطموحات الخلاَّقة لأبنائه، المقترنة بميادين العمل، ولا نريد وطناً ينام على وهم ويصحو على وهن.