صنعاء نيوز/ -
الناصرة-“رأي اليوم”- من زهير أندراوس:
في الوقت الذي تلتزم فيه الأنظمة العربيّة المُطبّعة مع إسرائيل الصمت شبه المُطبق حول توسيع التطبيع مع كيان الاحتلال، يعمل قادة وإعلام الكيان على نشر كلّ كبيرةٍ وصغيرةٍ حول هذه الظاهرة الدخيلة، والتي تحولّت في عددٍ من الدول العربيّة، مثل مصر والأردن، والدول العربيّة-الخليجيّة، الإمارات والبحرين، ومملكة المغرب في إفريقيا، تحولّت إلى أكبر سرٍّ مفضوحٍ، بفضل ماكينة الدعاية الصهيونيّة.
اللافت أنّ الكيان يستخدِم جميع الوسائل المتاحة ويُجيّرها لتكريس التطبيع مع العرب، ولذا نرى أنّ إسرائيل، بالإضافة إلى إعلامها التقليديّ، الذي يُسوِّق السلام مع الدول العربيّة تطوعًا لكونه جزءًا لا يتجزأ من المنظومة السياسيّة والأمنيّة، يلجأ أيضًا لوسائط التواصل الاجتماعيّ، التي تحولّت لوسيلةٍ ناجعةٍ في تسويق الرواية الإسرائيليّة، علمًا أنّ الكثير من الصفحات والحسابات الرسميّة الإسرائيليّة تنشر باللغة العربيّة، بهدف الوصول إلى أكبر شريحةٍ من الأمّة العربيّة، ومحاولة كيّ الوعي واستدخال الهزيمة، مع أنّ إسرائيل تيقنّت أنّه على الرغم من كلّ ذلك، ما زالت الشعوب العربيّة متمسكّةً بقضية العرب الأولى، قضية فلسطين، ورفضها أيّ علاقاتٍ مع الكيان.
وكانت المستشرقة الإسرائيليّة سمدار بيري أقرّت في تحليلٍ نشرته بصحيفة (يديعوت أحرونوت) العبريّة، أقرّت بأنّ السلام مع مصر ما زال باردًا جدًا وبحاجةٍ ماسّةٍ للإنعاش، خصوصًا من طرف صُنّاع القرار في القاهرة، لافتةً في الوقت عينه إلى أنّ ما أسمته بـ”شهر العسل” الإسرائيليّ مع دول الخليج يزداد حدّةً بالتزامن مع “السلام البارد”، التجاريّ والمدنيّ، مع مصر، الأمر الذي يتطلّب من إسرائيل دفع الباب إلى الأمام لإدخال مصر ضمن هذا السلام الدافئ الحاصل مع الدول العربية في الخليج، على حدّ تعبيرها.
وفي إطار الحرب النفسيّة الإسرائيليّة ضدّ الأمّة العربيّة، ونقصد الشعوب وليس الأنظمة، استضافت شبكة قنوات “i24news” العبرية في استوديوهاتها في مدينة يافا سفير الكيان لدى البحرين إيتان نائيه الذي حضر اجتماعًا استضافته المنامة للدول الموقعة على اتفاقيات “أبراهام” التطبيعية، وهو الاجتماع الأول للجنة التوجيه المنبثقة عن “منتدى النقب”.
وقد تحدّث السفير عن مستوى التعاون بين الكيان والدول العربية التي وقّعت على الاتفاقيات التطبيعية، مؤكّدًا أنّ “التعاون بين الدول الموقعة على اتفاقيات (أبراهام) اتخذ زخمًا غير متوقع إذ شمل أكثر من أربعين اتفاقية على مدار سنة ونصف السنة في مجالات مختلفة، من بينها الطب والأبحاث الأكاديمية”، وأضاف: ” نحن نبني الجسور في مجال التجارة والأعمال بيننا وبين السلطات الرسمية في هذه الدول. وقد تم فتح سفارات وخطوط طيران مباشرة بين الدول”.
وفي معرض ردّه على كيفية استعداد إسرائيل لسيناريو عودة المفاوضات مع إيران، قال نائيه: “هناك حوار على أعلى المستويات بين الوزراء ورؤساء الحكومات والسفراء في الدول التي نحن ممثلون فيها (المغرب، البحرين، الإمارات، مصر، الأردن، وإسرائيل”، على حد تعبيره، لافتًا في الوقت عينه إلى أنّ “هناك اتصالات لا أستطيع أنْ أشارك بها المشاهدين حيث يتم تبادل الآراء ولا أحد يخفي موقفه عن الولايات المتحدة لا سيما عشية وصول الرئيس الأمريكيّ جو بايدن إلى الشرق الأوسط في منتصف الشهر الحالي، تموز (يوليو)”، كما قال.
وكان مصدرٌ إسرائيليٌّ رفيعٌ جدًا قد قال لصحيفة (يديعوت أحرونوت) العبريّة، غداة اجتماع المنامة للدول الموقعة على اتفاقيات “أبراهام” التطبيعية، وهو الاجتماع الأول للجنة التوجيه المنبثقة عن “منتدى النقب”، قال إنّ “أحد أهّم الإنجازات لـ”منتدى النقب” يتمثّل بأنّ التسمية هي إسرائيليّة”، معتبرًا النقب، جنوب فلسطين، جزءًا لا يتجزأ من الكيان، وأضاف أنّ هذه التسمية ليست مفهومةً ضمنًا إذا أخذنا بعين الاعتبار تاريخ النزاع العربيّ-الإسرائيليّ، على حدّ تعبيره.
المصدر الرفيع والمطلّع أضاف قائلاً “إنّ (منتدى النقب) يؤكّد نشوء مركبًا ومرحلةً إضافيّة في اتفاقات أبراهام)، وهذا المُركّب الجديد يشمل هندسةً مدنيّةً وأمنيةً إقليميّةً باستثمار كبيرٍ جدًا عشية وصول الرئيس الأمريكي بايدن إلى المنطقة”، على حدّ تعبيره.
على صلةٍ بما سلف، أعلن “معهد السلام لاتفاقيات إبراهيم”، أنّ التجارة بين إسرائيل والإمارات ارتفعت بنسبة 130 في المائة، حيث بلغت 201.4 مليون دولار في أيار (مايو) 2022، مقارنة بذات الفترة من عام 2021.
مدير المعهد، آشر فريدمان، غرّد عبر حسابه على موقع “تويتر” كاتبًا: “حطمت العلاقات التجارية الأرقام القياسية في الشهر الماضي، وشهد شهر حزيران العديد من التطورات المثيرة في مجالات الابتكار والدبلوماسية والأكاديمية”.
وأفاد بيان للمعهد لشهر حزيران أنّ “التجارة مع الأردن ارتفعت بنسبة 54% عن العام الماضي حيث بلغت 55 مليون دولار، تم تلتها مصر بزيادة 41% و23.6 مليون دولار”.
البيان أشار إلى أنّ “الصفقات التجارية مع المغرب وصلت إلى 3.1 مليون دولار في أيار بزيادة 94 بالمائة عن عام 2021، فيما ارتفعت تجارة إسرائيل مع البحرين من لا شيء إلى 1.2 مليون دولار في غضون عامٍ”.
في السياق عينه، تعمدّت وسائل الإعلام العبريّة، بما في ذلك وسائط التواصل الاجتماعيّ، النشر، بالكلمة والصورة، عن أنّ أربع شركاتٍ عربيّةٍ تقوم برحلاتٍ مباشرة من وإلى كيان الاحتلال وهي: مصر للطيران، الخطوط الملكيّة المغربيّة، طيران الإمارات وطيران الخليج، زاعمةً أنّ تعزيز السلام يتّم أيضًا بالرحلات المُباشرة بين الكيان ودولٍ عربيّةٍ.
يُذكر أن وزراء خارجية إسرائيل، الولايات المتحدة، مصر، المغرب، البحرين والإمارات العربية المتحدة أعلنوا في ختام “قمة النقب”، التي عُقدت في آذار (مارس) من العام الجاري “أنها ستصبح منتدى دائمًا يسمى “منتدى النقب”، يعقد اللقاءات بين حين وآخر لبحث قضايا إقليمية خاصة أمنية وسياسية واقتصادية”. |