صنعاء نيوز/ الدكتور عادل عامر - الدكتور عادل عامر
تعد الجريمة من اهم ما يهدد البناء الاجتماعي والاقتصادي والثقافي للدولة لذلك فهي تعمل على تشريع أو وضع القوانين الجزائية للحد من هذه الجرائم ومعاقبة المجرمين وردع الأخرين،
وتعد جرائم مبكرة الإتمام من الجرائم الخطيرة التي انتشرت في المجتمعات والبلدان فهي اخطر من الجرائم العادية لما يترتب عليها من تعرض المصلحة العامة للخطر الذي ينال من المصلحة المحمية بالضرر، وتتخذ الحياة داخل الدولة أبعادا مهمة في الوقت الحاضر
فجعلت استقرار المجتمع يعتمد على سلامة الدولة من الجرائم وخاصة الخطرة منها، لان أثارها لا يمكن تلافيها في الوقت القريب، كما تعد الوظيفة العامة من اهم أسس بناء الدولة لان الجهاز الإداري العماد الحقيقي في تطور الدول والمجتمعات فان فسد انهار بنيانها.
ان كل سلوك قانوني لابد ان يتولى تنظيمه المشرع من خلال النصوص الجزائية لانها تمثل الأساس الذي يستند عليه في التجريم والعقاب ولما كانت الجرائم مبكرة الاتمام تستند الى نصوص التشريع كان لابد من بيان اساسها القانوني من اجل معرفة الافراد ما هو مباح لهم وماهو مجرم وذلك من اجل حماية المصلحة العامة والخاصة.
ان نشأة حق الدولة في فرض الجزاء الجنائي على مرتكب السلوك الذي يعد جريمة تحدده القوانين الموضوعية وهذا يبين الترابط الحتمي للتطبيق بين النصوص الموضوعية سواء كانت في قانون العقوبات او القوانين الخاصة المكملة له، لان القواعد الموضوعية تهدف الى حماية مصلحة الافراد والمجتمع فغايتها تحديد الافعال التي تعد جرائم وفرض العقوبات المقررة لها، ومن ثم تحديد المسؤولية الجزائية للجاني، فالقاعدة الجنائية تحدد شق التكليف والجزاء وهذا يحقق هدفاً و نتيجة واحدة تتمثل في التجريم و العقاب انطلاقاً من مبدأ الشرعية الذي يوضح اساس كل جريمة استنادا للنص الذي ينظمها، وقد لا يقتصر الاساس القانوني لفعل من الافعال على قانون العقوبات فقط، بل يشمل الاحكام التي تنظمها القوانين المكملة له وهو بذلك يشمل كل نص يقرر جزاءً جنائياً اياً كان مصدره في التشريعات لأن القاعدة الجنائية الموضوعية من النظام العام، وبهذا تذهب القوانين الموضوعية في تحديد الجرائم لتبين انماط السلوك ومدى خطورتها على المصلحة محل الحماية فتكون بذلك ميزه ينفرد بها المشرع ومن هنا يأتي الأساس القانوني لكل فعل.
وتأكيداً لما تقدم يجدر الرجوع إلى القواعد العامة في التشريع العراقي لبيان مدى إمكانية انطباقها على جرائم مبكرة الإتمام إذْ لاحظنا أن المشرع العراقي لم ينص على الجرائم مبكرة الإتمام بنصوص خاصة و إنما أشار إلى بعض التطبيقات لجرائم الخطر منها جريمة التحريض غير المتبوعة باثر و جريمة الاتفاق الجنائي
وعليه يمكن القول: إن ما ورد من أحكام عامة في قانون العقوبات والتي تتعلق بجرائم الخطر يمكن ان تسري على جرائم مبكرة الإتمام، لأن المشرع وطبقاً لما أورده من أحكام تخص جرائم الخطر عدّها جرائم تامة بمجرد ارتكاب النشاط الإجرامي من دون النظر للنتيجة التي تترتب عليها لان الخطر في جرائم مبكرة الإتمام مفترض من المشرع لمجرد تحقق السلوك الجرمي وبذلك تكون جرائم مبكرة الإتمام المخلة بالوظيفة العامة واقعة قانونية تمثل اعتداءً على المصلحة الجديرة بالحماية الجنائية.
ان جرائم الاخلال بواجبات الوظيفة العامة تمثل خروج الموظف العام عن مهمات وواجبات وظيفته لاعتبارات شخصية بعيدة عن مقتضيات المصلحة العامة والذي يتخذ مظاهر عدة منها:
*اداء عمل من اعمال الوظيفة.. وهي الاعمال والتصرفات القانونية الايجابية التي يقوم بها الموظف بشكل مشروع او غير مشروع والتي تتطلبها المباشرة الطبيعية للوظيفة في حدود اختصاص وظيفته وتطبيقاً على ذلك ان يحرر رجل المرور مخالفة سير لشخص مخالف فعلاً او ان يحررها لشخص غير مخالف اصلاً.
*الامتناع عن عمل من اعمال الوظيفة.. وهو ان يأتي الموظف بفعل سلبي يهدف من خلاله الامتناع عن تأدية العمل بشكل مشروع او غير مشروع والتي لا تتطلبها المباشرة الطبيعية للوظيفة.
*مخالفة واجبات الوظيفة.. وهي كل الاعمال والتصرفات ايجابية كانت او سلبية قام بها الموظف العام المختص على نحو غير مشروع مخالفاً بذلك لاوامر ونواهي القانون فتعبير الاخلال بواجبات الوظيفة له مدلول واسع اذ يندرج تحته كل عبث يمس عمله وينطوي على خيانة الثقة والامانة الوظيفية ويخل بواجبات ادائها على الوجه السوي القويم والتي قد لا تنص عليها القوانين صراحة الا انها تستلهم من المصلحة العامة التي ينبغي على الموظف مراعاته..
جرائم الاخلال بالوظيفة
تمثل جرائم الاخلال بواجبات الوظيفة بجريمة الرشوة والاختلاس والاضرار بالمال العام.. تعد جريمة الرشوة من الجرائم الخطيرة اذ انها تشكل اعتداء على المصلحة العامة والادارة العامة للدولة على حد سواء ومن هنا تقرر فرض العقوبات على كل من تسول له نفسه العبث بمقتضيات وظيفته ..
وهي تعرف بانها (اتجار الموظف العام بوظيفته وذلك بان يقوم بعمل من اعمال وظيفته او الامتناع عن القيام بها او تأخير اجرائها او مخالفته لواجباتها نظير حصوله على مقابل من صاحب المصلحة او الوسيط فالموظف العام في هذه الجريمة يطرح وظيفته كأي سلعة اخرى تباع في الاسواق يحصل من خلالها على نفع يعود بالمصلحة الخاصة اليه دون آبه بما يشكله ذلك من اعتداء ويؤدي الى الاضرار بالمصلحة العامة فالرشوة بمعناها الواسع تتكون في الاصل من اتفاق بين الموظف وصاحب المصلحة بمقتضاه ويحصل الاول على فائدة او لمجرد الوعد بالحصول على نظير تحقيق ما يبتغيه صاحب المصلحة منه.
تقتضي الصورة الاصلية لجريمة الرشوة وجود طرفين اساسيين هما الموظف ويسمى (مرتشياً) وهو الذي يطلب او يقبل او يأخذ ما يعرض عليه من نفع وصاحب المصلحة ويسمى (راشياً) وهو من يقدم للموظف النفع ابتغاء ان يقوم له بأداء العمل المطلوب والذي يتمثل في كل عمل يؤديه الموظف بشكل يخدم صاحب المصلحة ويحقق له النفع سواء اكان هذا العمل ايجابياً (اداء عمل) او سلبياً (الامتناع عن اداء العمل) أو تأخير ادائه او مخالفة واجبات الوظيفة جريمة الاختلاس …
اما دور الموظف او المكلف بخدمة عامة في جريمة الاختلاس فعد استغلال وظيفته والاستيلاء بغير حق على مال او متاع او ورقة مثبتة لحق او غير ذلك مملوك للدولة او لإحدى المؤسسات او الهيئات التي تسهم الدولة في مالها بنصيب او سهل ذلك لغيره مرتكباً لهذه الجريمة كما يشير المشرع الى عقوبة السجن لكل موظف او مكلف بخدمة عامة عهدت اليه المحافظة على مصلحة للجهة التي يعمل فيها في صفقة او قضية بسوء نية او تسبب بالأضرار لهذه المصلحة ليحصل على منفعة لنفسه ولغيره تجاوز الموظفين..من المسلم به بان القانون الزم الموظف الانصياع لحكم القانون ومقتضيات المصلحة العامة للحد من تجاوز الموظفين لحدود واجباتهم واستغلالها لغير الاهداف المحددة..
وان الذي يعنينا هنا ممارسة الموظف لاختصاصه الوظيفي في ارتكاب جريمة من شانها الاخلال بواجباته الوظيفية كما هو الحال موظف او مكلف بخدمة عامة عهد اليه ادارة او حراسة المواقف او السجون او غيرها من المنشآت المعدة لتنفيذ العقوبات او التدابير الاحترازية او امتنع عن تنفيذ امر صادر بإطلاقه سراح شخص او ابقائه الى ما بعد الاجل المحدد لتوقيفه او حجزه او حبسه
وكذلك فيما يخص كل موظف او مكلف بخدمة عامة دخل اعتماداً على وظيفته منزل احد الأشخاص او احد ملحقاته بغير رضا صاحب الشأن او حمل غيره على الدخول وكذلك كل موظف او مكلف بخدمة عامة افشى امراً وصل الى علمه بمقتضى وظيفته لشخص يعلم وجوب عدم اخباره به وكذلك كل موظف او مكلف بخدمة عامة فتح او اتلف او اخفى رسالة او برقية اودعت
او سلمت للدوائر المذكورة او سهل لغيره ذلك او افشى سراً تضمنته الرسالة او البرقية وذات الامر نجده في بقية الجرائم التي تتعلق بتجاوز الموظفين لحدود اختصاصاتهم لوظيفية والتي عبر عنها بعبارة (استغل وظيفته) (امتنع عن اداء عمل من اعمال وظيفته). |