صنعاء نيوز - 
مع مرور عامين كاملين على إنشاء الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد تبرز الكثير من التساؤلات حول انجازات الهيئة خلال هذه الفترة، وهل نجحت في تحقيق ما هو مؤمل منها؟ ولماذا لم يُقدّم حتى الآن شخص واحد للمحاكمة بتهمة فساد؟ هل يعني هذا أن البلاد خالية من الفساد، أم أن المفسدين استحكموا بقبضتهم على كل شيء وأصبح من الصعب الوصول إليهم؟ 
في هذا الحوار مع رئيس قطاع الذمّة المالية بالهيئة، المحامي محمد حمود المطري،  كشف الحقائق المتعلقة بالفساد والمفسدين، وما أنجزته الهيئة في مجال مكافحة الفساد.. إلى الحوار:

الأربعاء, 29-يوليو-2009
صنعاء نيوز -

مع مرور عامين كاملين على إنشاء الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد تبرز الكثير من التساؤلات حول انجازات الهيئة خلال هذه الفترة، وهل نجحت في تحقيق ما هو مؤمل منها؟ ولماذا لم يُقدّم حتى الآن شخص واحد للمحاكمة بتهمة فساد؟ هل يعني هذا أن البلاد خالية من الفساد، أم أن المفسدين استحكموا بقبضتهم على كل شيء وأصبح من الصعب الوصول إليهم؟
في هذا الحوار مع رئيس قطاع الذمّة المالية بالهيئة، المحامي محمد حمود المطري، كشف الحقائق المتعلقة بالفساد والمفسدين، وما أنجزته الهيئة في مجال مكافحة الفساد.. إلى الحوار:

* مع مرور عامين كاملين على إنشاء الهيئة، ما هو تقييمكم لأداء الهيئة خلال هذه الفترة؟ وهل نجحت في تحقيق ما هو مؤمل منها؟
- مرور عامين كاملين على إنشاء الهيئة وممارستها لأعمالها مناسبة عظيمة، وذلك لأهمية هذا الكيان الذي جاء بإرادة سياسية من فخامة الأخ علي عبد الله صالح، رئيس الجمهورية، وترجمة عملية للبرنامج الانتخابي له، وكذا برنامج الحكومة المقدّم إلى مجلس النواب، وهو عمل وطني كبير وشاق ومتعب ومرور عامين كاملين في ظل تنامي نشاط الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد التي ولدت وحاولت أن تنهض منذ اليوم الأول لولادتها شيء يدعونا إلى الفخر والاعتزاز مع تقديرنا البالغ لكل من مدوا أياديهم البيضاء لهذا المولود في أيامه الأولى، وعلى رأس الجميع فخامة رئيس الجمهورية ومكتب رئاسة الجمهورية وكثير من الجهات والأشخاص، وهي فرصة نهنئ فيها أنفسنا بمرور عاميين، فيها انجازات، رغم ما كانت فيه الهيئة من الضعف المؤسسي والقدرات، نشكر كل العاملين في الهيئة الذين بذلوا جهودهم وبصورة جماعية وكانوا يقفون أمام القضايا بجهاز كمبيوتر واحد، وعدد من الرفوف في خمس غرف لا يجدون أن يضعوا الكرسي في ضيافة كريمة لمضيف أعطى ما لديه وسخّر ما يستطيع من الإمكانيات.
شُكرنا الجزيل لكل موظفي مكتب رئاسة الجمهورية وفي مقدمتهم الأستاذ علي الآنسي مدير مكتب رئاسة الجمهورية وللحراسة الأمنية للمكتب ولتحويلة المكتب, هؤلاء كلهم فجأة وجدونا في هذا المبنى المنظم تنهال علينا الشكاوي والتظلمات في كل من يفكر في الشكوى حتى من زوجته، ويصر على مقابلة رئيس الهيئة أو أحد أعضائها دون مراعاة لنظام المكتب أو وظيفته المتسمة بالعديد من البروتوكولات، ثم نقول بهذه المناسبة إننا راضون كل الرضا، ونقول إن الهيئة نجحت النجاح المؤمل منها، خاصة وأنها -كما ذكرت- ولدت بدون أن يكون معها شيء يُذكر، وقامت بتأسيس كل شيء من الصفر.

* ما هي أبرز السلبيات التي صاحبت عمل الهيئة خلال هذه الفترة، سواء من الداخل أم من الخارج؟
- أهم السلبيات التي واجهت الهيئة تتمثل في شعور بعض الجهات أن الهيئة جاءت بديلاً عنهم، فأحجموا عن التعاون معنا تعاوناً يفتح لنا آفاق عمل صعب، ولم يفهموا القانون من الوهلة الأولى، وظلوا يجاملوننا ولا يقدمون لنا شيئا يعيننا على إنجاز العمل في الوقت المطلوب، أو كثرة الشكاوى التي ليس لها أي علاقة بالفساد. أما من الداخل فكانت الصعوبات أننا أتينا من مشارب مختلفة، ومن تخصصات مختلفة، والمهمة جديدة علينا، لم يمارس أي منا هذا العمل من قبل، وكنا -كما ذكرت- متفائلين أن كل من حولنا سوف ينوّرنا فما كان إلا عكس ذلك. بعض الصحف والقوى السياسية وأصحاب الأفكار المتطرفة كلهم شنوا علينا هجمات أربكت الأعضاء وجعلتهم يتساءلون: هل نحن أتينا بموافقة المجتمع اليمني الذي يمثله مجلسا الشورى والنواب؟ أم أتينا دون رغبة هؤلاء؟ ثم إن الهيئة كانت ضمن البرنامج الانتخابي لرئيس الجمهورية وبرنامج الحكومة، واعتقد البعض أننا شكل أو ديكور، ولم يتوقعوا أننا سنبدأ ممارسة النشاط بهذا الشكل المبكر، ونستدعي فلانا أو علانا، وندخل إلى وزارات ومؤسسات ونتابع قضايا فساد، وهذا عكس نفسه على مناقشة اللوائح والهيكل التنظيمي والتقسيمات الداخلية حتى أخذت الوقت الطويل، ومنها ما لم يصدر حتى الآن، مثل: اللائحة التنفيذية للقانون رقم 39 لسنة 2006 بشأن مكافحة الفساد، وحيث أن الإرادة السياسية عازمة على محاربة الفساد فنحن سنحارب الفساد من منطلق هذه الإرادة، ومن القانون الذي أعطى الهيئة مهاما يجب أن تقوم بها، وإلا فلا فائدة من وجودها، ولا بُد أن يتأثر البعض خاصة الذين لم يروق لهم التخلي عن السلوك الذي تحوم حوله الشبهات.

* لأكثر من مرة يقول أعضاء الهيئة إن كثيرا من الجهات ذات العلاقة لا تتعاون مع الهيئة في مكافحة الفساد, رغم أن تلك الجهات تعتبر رديفا أساسيا للهيئة، ومنها الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة والجهات الأخرى, بنظركم لماذا هذا الموقف تجاه الهيئة؟ وكيف تتعاملون أنتم مع هذا الأمر؟
- لا نقول إن كثيرا من الجهات لم تتعاون، ولكن نقول إن بعض الجهات ذات العلاقة لا تتعاون بالشكل المطلوب، أما مبدأ التعاون فهو وارد ومنصوص عليه في القانون، وملزم لنا ولكل الجهات، وليس الأمر اختياريا، ولكن الذي لا يتعاون لا يرفض التعاون إنما لا يقدّم تعاوناً كافياً. ورغم ذلك، فالأمر يتضح بين حين وآخر، وتطوّر التعاون مع مرور الزمن والصعوبة في بعض القضايا يجعل التعاون إجباريا علينا جميعاً؛ لأنه بدون التعاون لا يمكن الوصول إلى الهدف. ونحن نتعامل بالقانون عند ما نشعر أن جهة ما لم تقدِّم لنا ما نريد، نستخدم مواد وأحكام القانون ونتعامل رسمياً ونطلب رسمياً، وهذا تم فعلاً. ليست المشكلة في عدم التعاون بل المشكلة تكمن في مبدأ هل هذا التعاون كافٍ يحقق الهدف أم أنه إسقاط واجب، ورغم هذا فالتواصل مستمر والعتاب مستمر، ونتائجه مبشرة. الكل يشعر بصعوبة الحِمل الملقى على عاتقه، حتى عند ما يفكر الواحد في عدم التعاون يجد نفسه غير قادر على هذا الحِمل الثقيل، فيكون مضطراً للتعاون مع الهيئة, حيث أن جهات كثيرة كانت قد تعبت من متابعة هذه الآفة، ولك أن تنظر في الإصدارات الصحفية لهذه الجهات، وتقارن بينها وبين ما كانت عليه قبل وجود الهيئة، ستجد أن الهيئة أنعشت كثيراً من أداء هذه الجهات، وأن الإحساس اليوم أكثر منه الأمس، إن مسألة مكافحة الفساد باتت أمراً حتمياً ومطلباً سياسياً وشعبياً، وعلى كافة الأجهزة المختصة إدراك هذا ونحن في المقدِّمة.

* القانون لا يتيح للهيئة نشر أي معلومات حول القضايا قيد التحقيق، من وجهة نظركم كعضو في الهيئة أولاً وكمحامي ثانياً ألا يحد هذا القانون من التعريف بنشاط الهيئة على مستوى الشارع؟ وهل هذا الإجراء صحيح خاصة أنه بالإمكان الإشارة إلى إجراءات التحقيق أو الاشتباه دون ذكر أشخاص أو أسماء؟
- القانون يمنع الهيئة من النشر بالنسبة للقضايا إلا بعد صدور أحكام نهائية باتة، وهذا من باب احترام حقوق الآخرين، فالقانون اليمني بكل فروعه مأخوذ من الشريعة الإسلامية التي تُحرم الإساءة والتشهير، ولو بدأنا بالنشر سوف يستغله من لا يرغب في مكافحة الفساد، وإنما تسيطر عليه الرغبة في تشويه سمعة الآخرين والتشهير بهم، وعند ما تظهر البراءة يكون الأمر صعبا لرد الاعتبار. لكن هذا الأمر متاح بالنسبة لوسائل الإعلام، على سبيل المثال: لدينا قضايا يدافع فيها عن المتهمين أشخاص لديهم مواقع إخبارية وصحف ومجلات لكنهم لا ينشرون شيئاً إلا ما يبرر موقفهم ودفاعهم عن المتهم أو الإساءة إلى الهيئة فقط. النشر ممكن أثناء التحقيق أو أثناء المحاكمة لكن دون تشويه للأشخاص والحقائق، فالصحافة عليها أن تتلمس وتتابع وتنشر في الحدود التي لا تخالف القانون. أما الهيئة فإنها تلتزم بالقانون، ولن تخالفه، والمسألة مسألة وقت وستظهر الحقائق, نحن نتحمل شتائم وتقولات من أشخاص يساندون الفساد ونلتزم الصمت؛ لأن في الجواب إظهار أشخاص القضية بمظهر المتهم.

* الناس البسطاء في الشارع يتساءلون: ماذا فعلت الهيئة إلى الآن، خاصة مع عدم وجود شخص واحد قُدم للمحاكمة حتى الآن، وتمت معاقبته على جريمة فساد، ألا تعتقد أن هذا يؤثر على مصداقية عمل الهيئة أمام الناس الذين كانوا يأملون الكثير منها؟
- نعذر الناس، ونعتذر لهم، فإن -كما سبق القول- القانون يمنعنا من النشر،؛ لكن أغلب الناس يعرفون أن الهيئة أنجزت الكثير من القضايا، ومنعت الفساد في مواقع كثيرة في الجمارك وفي النفط وفي الكهرباء وفي الاتصالات وفي جهات عديدة، وتداول الناس هذه المواضيع، وانتقدوا الهيئة حيناً، وأيّدوها حيناً آخر، حسب قُرب أو بُعد المتحدث من الأشخاص الذين يُجرى التحري أو التحقيق معهم، ليس الناس البسطاء وحدهم من يتساءل، فهؤلاء وإن تساءلوا فهم أكثر الناس صدقاً، لكن يتساءل الأشخاص من باب التقليل من نشاط الهيئة أو من باب عدم رغبتهم في أن تكون الهيئة ناجحة، وهؤلاء الذين يتساءلون من هذا النوع هم يعرفون ما يتساءلون عنه، نجدهم في مقدّمة المدافعين عن الفاسدين، وأول من يكتب لهم ويستعطف الجمهور على ما يعانونه من جور وظلم الهيئة. هذه الهيئة التي فيها من يحرص على حقوق المتهمين أكثر من المتهمين أنفسهم، وليست بحاجة إلى من يوصيها بالرفق أو الليونة مع من تتعامل معهم في قضايا. اسألوا وتابعوا من يشكون من جور الهيئة، وأنها لم تنزلهم، وما هم فيه، وتابعوا كُتاباً أصبحوا أكثر من المحامين دفاعا عن أي واحد تطلبه الهيئة، أسميهم أنا "شهود الشعير". أقول لكل الصادقين ثقوا أن الهيئة تعمل وأنها تواجه صعوبات كبيرة وتتحمل مسؤوليتها بكل جدارة وبكل مصداقية وتجرد. ولا يعتريكم اليأس فنحن عند حسن ظنكم، وستجدون منا نتائج، إن لم نقض على الفساد نحد منه ونجفف منابعه وهو الأهم. ولا تظنوا أن حجم الفساد صغير يمكن القضاء عليه بسهولة، ولكن الجميع معنا سوف نصل إلى هدف وطني وهو "يمن خالٍ من الفساد"، طالما أعلنا الثورة على الفساد.

* الهيئة تقول إنها تعمل على محاسبة كل فاسد مهما كان موقعة, ولكن هناك نصوصا دستورية وقانونية تمنع مساءلة شاغلي الوظائف العليا في الدولة، ألا ترون أن في هذا تناقضا مع عمل الهيئة أساسا, وفي الوقت نفسه تحجيم لدور الهيئة في مساءلة أي فاسد قد يكون في هذا الموقع؟
- سنحاسب كل فاسد مهما كان موقعه، أو مهما ظن أن له من يحميه، فلا يوجد حتى الآن أي شخص يحمي فاسدا علنا، وعند ما يظهر من يحمي الفاسدين سوف نوضِّح للناس ونعرض لهم حقائق تثبت لهم الحماية، ولا نخاف من أحد هذه أمانة تحملناها، ونحن عند مستوى المسؤولية. أما بالنسبة للقانون فالمشكلة ليست قانونية ولكن دستورية في المقام الأول، ونقول، ونطمئن الجميع، إنه رغم هذه القيود فالإرادة السياسية ستذلل لنا أي صعوبة تواجهنا في هذا الجانب، فقد لمسنا هذا في قضايا كثيرة ولا نحتاج أن ننتظر التعديلات الدستورية أو القانونية، فالكل معنا، وحتى في حالة أن يتورط وزير أو نائب وزير ويستدعي الأمر محاكمته, فمجلس النواب شريكنا في محاربة الفساد وهو سيقف معنا، وسيستخدم حقه الدستوري في الإجراءات المنصوص عليها في قانون مكافحة شاغلي وظائف السلطة العليا رقم 6 لسنة 1995، الذي يعتبره الجميع قيدا على مساءلة شاغلي الوظائف العُليا. أما قانون الذمة المالية فهو لم يستثن أحد، وهو واضح ونحن نتوقع من الجميع احترام الوظيفة العامة واحترام القانون. بالإضافة إلى أننا نقوم بتجهيز مشاريع التعديلات الدستورية والقانونية، وقد شكلت لجنة تظم كل الجهات ذات العلاقة، وأول ما سوف يتم تقديمه من تعديلات الحصانات التي نص عليها القانون -آنف الذكر- الذي عقد الإجراءات.

* في مسألة إقرارات الذمة المالية قلتم أكثر من مرة إنه سيتم إحالة المتخلفين للنيابة العامة، ولكن إلى الآن لم تتخذ الهيئة أي إجراء ضد المتخاذلين، رغم إنذارهم أكثر من مرة. لماذا؟
- إقرارات الذمة المالية تسير حسب ما هو مخطط لها، وقد نجحت الهيئة نجاحاً كبيراً، رغم أن هذا القانون وأن هذا المسألة جديدة على المجتمع اليمني، ولكنها لاقت قبولاً، ونلمس تعاوناً جاداً من كافة الجهات. المفهوم الغائب على الكثير ممن يطرحون الأسئلة على الهيئة ما يزال مغلوطا، وهو أن الهيئة تتوعد وتنذر ثم لا تقدِّم أحداً للمحاكمة. الواقع غير ذلك، الواقع أننا نسير في الأمر وفقاً لخطوات متتابعة نقوم أولاً بمخاطبة الجهات ومطالبتها بكشوفات وبيانات عن المشمولين ثم نراجع هذه البيانات ونصححها مع تلك الجهات ثم نصدر استمارات ونسلمها للمشمولين إما مباشرة أو عبر المندوبين أو عبر البريد. ثم نقوم بتسجيل بداية المُدة، وهي ستين يوماً من تاريخ تسليم الاستمارة. ونتلقى إقرارات من البعض ويتأخر البعض الآخر إلى ما بعد الستين يوماً، فلدينا برنامج آلي يوضح لنا كل يوم من الذين تجاوزوا المُدة ويحددها باليوم عشرة أو عشرين أو ثلاثين أو خمسين يوما.. الخ.
نقوم في هذه الحالة بإصدار إشعارات للأشخاص، يعني أننا لا نتعامل مباشرة مع الأشخاص إلا بعد فوات الميعاد القانوني، وكنا قبل ذلك نتعامل مع جهات، فنقوم بتحرير إشعار فيه تنبيه إلى أن المدة قد انتهت، ونحدد في الإشعار أيام التجاوز، فيأتي البعض ويتخلف البعض الآخر. عند ذلك نقوم بعمل الإنذار النهائي ونحدد فيه أسبوعا أو أسبوعين وفقاً لصعوبة المنطقة التي يوجد فيها المشمول المتأخر، ونعتبره الآن متخلفا عن تقديم الإقرار، فنعمل له إنذارا، ونعمل إلى جانب هذه الإنذارات رسائل إلى رؤساء هذه الجهات، نُرفق بها صورا من الإنذارات، ونُسلم المندوب أصل الإنذارات، لنسلمها إلى المتخلِّفين، ثم تأتي إلينا الاستعلامات فنظل نتابع رؤساء الجهات ونعاتبهم على هذا التأخير، فيقومون بإجراءات التوقيف من العمل والتهديد بالفصل، فيأتي إلينا الإقرار، ثم ننتقل إلى جهة أخرى بعد ذلك، هذا يعني أننا لا نترك أحداً دونما يقدّم إقرارا بالذمة المالية، وهذا جُهد كبير، لكنه يوصلنا إلى النتيجة، وهي الحصول على الإقرار.
أكثر من نصدر لهم إنذارات لا يقدِّرون أهمية وجديّة الأمر، فيتساهلون، ثم عند ما يجدون الأمر ليس فيه أي مخرج يستعيدون جديتهم. عند ما نهدد، نحن نجهِّز ملفات، لكن جهودا تشاركنا في تحقيق الأهداف نقدِّم لهم كل الشكر والتقدير، ومنهم من يأتي إلى المخرج النهائي وهو الاستقالة من العمل أو التنحي عن لجنة المناقصات، وهذه مخارج مقبولة طالما ونحن في بداية الطريق، ولن تكن مقبولة فيما بعد.

* القانون يحدد من يشملهم تقديم إقرار الذمة المالية منهم رئيس الجمهورية ونائبه والوزير ونائبه والوزراء وأعضاء مجلس النواب, هل قدم هؤلاء فعلاً إقراراتهم بالذمة المالية فعلاً, خاصة أنكم صرحتم في هذا أن نائبا فقط في البرلمان قدّم إقراره بالذمة المالية، وكيف يمكن أن تتعاملوا مع المسؤول لتقديم إقراره؟
- نحن نسير -كما أسلفت- وفقاً لخطط وبرامج تقوم على أسس ومعايير، وأهمها القدرة الاستيعابية للهيئة، ومنع الإرباك في العمل؛ لأنه عمل دقيق وصعب، ويحتاج إلى تركيز، ولا تنفع معه العشوائية. أكثر من ثمانين جهة تم استهدافها في خطة العمل الأولى، بدأت بالوزراء وانتهت بمجلسي النواب والشورى، واستهدافنا ستين جهة في الخطة الثانية التي تبدأ من 10/10/2009، على رأس هذه الجهات الأمانة العامة لرئاسة الجمهورية بإعداد رسائل، وجهنا رسائل بالخطة الثانية؛ لأن برنامج الخطة الأولى استهدف 16.000 شخص، وستبدأ المرحلة الثانية من الإقرارات، وهي تجديد الإقرارات بعد مرور سنتين سيتم مباشرة استقبال التجديدات من 10/10/2009، بينما نبدأ العمل في الخطة الثانية، ونقوم بعمل جمع المعلومات عن المرحلة الثانية، وقد ظهرت بوادر التعاون، خاصة وأن معظم هذه الجهات مؤسسات وهيئات يُشرف عليها وزراء تعاونوا مع الهيئة في المراحل الأولى للخطة الأولى، وعلى رأسهم وزارة الدفاع التي سيبدأ التخاطب حول المؤسسات التي تندرج ضمن الخطة الثانية، وجهات قد بادرت إلى تجهيز الكشوفات وعلى رأسها الأمانة العامة لرئاسة الجمهورية، وعلى رأس قائمة الكشوفات رئيس الجمهورية ونائبه، وكلنا نعمل وفقاً لخطط وبرامج لا يمكن تجاوزها، والهيئة هي التي وضعت هذه الخطط والبرامج، وهي المسؤولة عن متابعتها. أما ما يتعلق بأعضاء البرلمان فإن هذه الحالة مرت علينا عند ما كنا نتابع الوزراء، كنا نعلن أن اليوم الهيئة تلقت إقرارا بالذمة المالية من الوزير الفلاني، وأنه احتل المرتبة الأولى أو العاشرة أو العشرين، إلى أن اكتمل الوزراء، وبدأنا مع المحافظين من جديد، وقُلنا إن كل المحافظين قدموا الإقرارات عدا سبعة محافظين. وهكذا نتوقع هذا الأمر مع كل الجهات سواءً المشمولين في الخطة الأولى أو منهم في الخطة الثانية، الأمر ليس سهلاً بالنسبة للهيئة، ولكن جهوداً تبذل لتحقيق الهدف.
وللتاريخ سوف نحفظ كل وثيقة كُتب عليها من تعاون مع الهيئة ومن لم يتعاون، فإلى الآن الجميع معنا، خاصة في مجال الذمة المالية. أما بالنسبة للإجراءات فهي موحّدة مع الكبير والصغير ومبرمجة ولا نستطيع تغييرها والجميع متقبل لها، وهي وفقاً لقانون يسري على الجميع، ويجب احترامه.

* نلاحظ ضعفا كبيرا في تواصل الهيئة وتنسيقها مع وسائل الإعلام, رغم أن الهيئة تقول إن الإعلام شريكها الأساسي في مكافحة الفساد, ولكن الملاحظ أن كثيرا من الوسائل الإعلامية تتخذ موقفاً سلبياً من الهيئة, ألا تعتقدون أن للهيئة قصورا كبيرا في اجتذاب وسائل الإعلام، خاصة الصحف, وإن تواصلها معها يقتصر فقط على أخبار الاجتماعات أو الفعاليات, لماذا هذا القصور في هذا الجانب؟
- أنتم (الصحف الرسمية أو شبه الرسمية) تشعرون بضعف في التواصل، لكن غيركم يشعر أننا نكثر من التواصل، عدم تواصلنا مع بعض الصحف الرسمية لأننا نراها تكتب عن الهيئة في هامش صفحاتها. الإعلام فعلاً شريك للهيئة، وهو الناقل الأمين لكل أنشطتها، وهي تعتمد على الإعلام في كثير من القضايا والبلاغات. الشعور بعدم التواصل مرة أن الصحف تريد أخبارا يومية عن نشاط الهيئة، وعملنا يختلف عن الجوازات والمرور أو الأحوال المدنية أو الصحّة أو الكهرباء أو المياه، نحن نقضي أياماً طويلة في القضية حتى نستطيع أن نقرأ تقريرا مفصلا داخل مجلس الهيئة عنها محاط بالسرية من التسرب حتى لا نخالف القانون. نريد من الإعلام أن يكون شريكاً في الوقاية من الفساد والتوعية بمخاطره، وحثّ المجتمع على محاسبة الفاسدين قبل أن تحاسبهم الهيئة، نريد الإعلام أن يتعاون معنا حتى نصل إلى مجتمع خالٍ من الفساد. نريد أن تكون رسالة الإعلام فيه توعية للمجتمع لا نريد أن ننشر نتائج فقط، صحيح هذا جزء هام من مهمة الإعلام، ولكنه ليس الأهم في رسالته. الأهم أن نكون شركاء في مكافحة الفساد، وتجفيف منابعه, فالمهم في الإعلام أن يساير نشاط الهيئة، وأهم من ذلك أن يسبق الهيئة بوضع الكاريكيترات الهادفة التي تصوّر للمجتمع أن الفاسد غير مقبول اجتماعياً حتى لو ظهر بمظهر الثراء أو الرُّقي المزيف، نريد من الإعلام أن يقف معنا عند ما نجد من يحمي الفساد ويوضح للمجتمع.
أما مسألة التواصل، بالعكس وسائل الإعلام متواصلة معنا، ولكن لا نرتاح لبعض وسائل الإعلام الرسمية التي ينقصها الشفافية، وهذه تتهرب منا، كما يهرب منا أي موظف لا يحب الشفافية في بقية الوسائل, بداية الأسبوع كان معنا وزير الإعلام مع كل المؤسسات وناقشوا بكل صراحة ومصداقية الإستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد، التي تحدد دور الإعلام بوضوح.

* بعض أعضاء الهيئة تحدثوا عن سلبيات داخل الهيئة، وانتقدوا طريقة عملها، فيما البعض الآخر انتقد جدية الهيئة في سعيها لمكافحة الفساد, هل يشير هذا إلى وجود تناقض داخل الهيئة نفسها؟ وكيف تفسرون هذا الموقف؟
- نحن 11 فكرا داخل هذه الهيئة، ولكل واحد أن يقول رأيه في إطار الشفافية التي تلتزم بها الهيئة قبل غيرها، سواءً في عملها أم في حرية أعضائها في القول لما يشعر به بعضهم يغيب فترة عن مداولات مجلس الهيئة أو لا يحضر عدد من اجتماعاتها، فلا يعرف ما تم خلال فترة غيابه أو تخلّفه عن الجلسات، وهي أساس عمل الهيئة، وما كان قد تم اتخاذه من القرارات، فيأتي يعبّر عن رأيه الشخصي، وهذا أمر متاح مع كل الناس الذين يتناولون من خارج الهيئة الأعضاء، واحداً واحداً، في الصحف الرسمية، ومنهم من يستلم مكافأة على هذا الكلام، هذا نتاج طبيعي للتعددية، وكثرة الصحف والمواقع الإخبارية، ولكن أن يكون منا من يرى قصورا في العمل، ويأتي إلى صحيفة تابعة لحزبه أو اتجاه معيّن ولا يقول لنا داخل الهيئة ما نوع القصور، وما هي وسائل معالجتها، هذا أمر يؤخذ على العضو، وليس على زملائه الذين يبذلون جهوداً في غابة موحشة من الفساد، فيها السباع وفيها القرود وفيها الخفافيش. الشيء الممتاز في هذا أنك أنت اخترت سؤالا، ومن لا تعجبهم الهيئة يقولون رأيت أحد عشر كلاما، يأتي أحياناً نتيجة فشل من الذين لم يحالفهم الحظ في الانتخابات، ولم ينجحوا أو لم يتمكنوا من الحصول على عضوية الهيئة، أو من أشخاص تمسّ مصالحهم إجراءات الهيئة، كل الناس يرمون على هذا الفريق الذي اعتبره من خيرة من اختاروهم أعضاء مجلسي الشورى والنواب، لا يغرّنا من قال، المهم أننا في عملنا نراقب الله سبحانه وتعالى، ولا نعتمد الإضرار بأحد من الناس، نحافظ على كرامة الناس، ونحاول بكل جهودنا محاربة الفساد.

* في حال تعرض المُبلّغ عن قضية فساد للخطر أو حتى لضغوط في مجال عمله، ما هو دور الهيئة في حمايته بما يضمن أن يتفاعل الجميع في الإبلاغ عن قضايا الفساد دون خوف؟
- الشهود والمبلغون هم الأكثر عرضة للمخاطر فعلاً، ولذا حرص المشروع على إضفاء حماية لهم، ولكننا عند مراجعة القانون وجدنا أنه لا بُد من تشديد هذه الحماية، بحيث يشمل المُبلّغ وزوجته وأولاده وأقاربه، ومن يمكن أن ينالهم الأذى من قبل المتضرر من البلاغ؛ لأن نص المادة 27 من القانون حدد الحماية الوظيفية والشخصية للمُبلّغ، ولم تشمل من قد يتعرض من أقاربه بسبب البلاغ، ولذلك لا بُد من النص صراحة في القانون على شمول ذلك، وهناك من التشريعات في دول عربية وغير عربية قد أوضحت هذه الحماية لأقارب المُبلّغ، ولكننا عند ما يأتي المُبلّغ يشكو من تضرره من البلاغ تقوم الهيئة بمخاطبة الجهة مُصدرة القرار، والتأكيد على إزالة هذا الضرر، وبالطبع العمل عند ما يتطور أكثر سيكون البلاغ أكثر تطوراً من الآن، حيث لاحظنا خلال سنتين من عمر الهيئة أن أكثر المبلّغين لا يأتون إلا عند ما تمسّ مصالحهم الشخصية، والمفروض أن يأتي المُبلّغ بدافع وطني يكشف عن فساد في مكان من أجل أن يكون شريكاً فعلياً في مكافحة الفساد.
أما أن يأتي موظف من أي وزارة أو مؤسسة كالجمارك مثلاً يشكو ويبطن شكواه بأفعال فساد كان هو طرفاً فيها، فهذا لا يعد بلاغاً بالمعنى الذي قصده المشروع، لا نريد أن يكون المُبلّغ أكثر جرماً من المبلّغ ضده، نريد كشف جرائم فساد بدافع مكافحة الفساد، ونريد المُبلّغ أن يكون نزيهاً أو أن يبدأ بالاعتراف عن نفسه، ويشمل شركاءه، حتى يستفيد من تخفيف العقاب.

نقلا عن السياسية
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 21-نوفمبر-2024 الساعة: 08:17 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.sanaanews.net/news-852.htm