صنعاء نيوز/ بقلم: عمر دغوغي الإدريسي -
بقلم: عمر دغوغي الإدريسي مدير مكتب صنعاء نيوز بالمملكة المغربية.
[email protected] https://web.facebook.com/omar.dghoughi.idrissi
https://www.youtube.com/channel/UCRNxHfPr5O6j6EaeDDgUS5A
يعيش الإنسان في هذه الحياة وفق قيمٍ مُعيّنةٍ يُطبّقها أو يَسعى للوصول إليها، كما تُعتَبر القيم نوعاً من أنواع المُحدّدات أو الغايات، ويُعدّ الوصول إليها نوعاً من أنواع النّجاح، وعلامةً تُؤشّر على حسن سَيْر العمل في مَراحله السّابقة، أو ما يُطلق عليه بالتغذيّة العكسيّة أو الرّاجعة.
القيم مُفردها قيمة، وترتبط لغويّاً بمادة قَوَمَ والتي تمتلك عدّة دلالات منها قيمة الشّيء وثمنه، والثّبات والدّوام، و الاستقامة والاعتدال، ونظام الأمر وعِماده.
وأقربها لمعنى القيمة هو الثّبات والدّوام والاستمرار على الشّيء.
أمّا اصطلاحاً فإنّ القيم هي جملةُ المقاصد التي يسعى القوم إلى إحقاقها متى كان فيها صلاحهم عاجلاً أو آجلاً، أو إلى إزهاقها متى كان فيها فسادهم عاجلاً أو آجلاً.
وهي القواعد التي تقوم عليه الحياة الإنسانيّة وتختلف بها عن الحياة الحيوانيّة، كما تختلف الحضارات بحسب تصوّرها لها.
وقد وردت في القاموس التربويّ بأنّها صفاتٌ ذات أهميّة لاعتبارات نفسيّة أو اجتماعيّة، وهي بشكل عامّ مُوجّهات للسّلوك والعمل.
للقيم عدّة خصائص تتميّز بها: ترتبط بنفسيّة الإنسان ومشاعره، حيث تشمل بذلك الرّغبات والميول والعواطف التي تختلف من إنسان لآخر، ومن حضارة لأُخرى.
مُتغيّرة وليست ثابتة؛ نتيجةَ تفاعل الإنسان مع بيئته وتغيُّرات الوسط المُحيط. غير وراثيّة ومُكتسبة من خلال البيئة.
تفاوت أولويّة القيم وتفوّقها على بعضها، وتطبيق إحداها على حساب الأُخرى. تعدُّدها نتيجةَ اختلاف الحاجات الإنسانيّة بين حاجاتٍ اقتصاديّةٍ وسياسيّةٍ واجتماعيّةٍ ونفسيّةٍ. ذات منطق جَدَليّ؛ فهي تحتمل الحقّ والباطل، والخير والشرّ.
صعوبة القياس بسبب تعقيد الظّواهر الإنسانيّة المُرتبطة بالقيم. ذاتيّة؛ حيث تظهر في مَشاعر الإنسان إمّا بالميل نحوها أو النّفور منها.
نسبيّة؛ فهي تختلف من شخصٍ لآخر حسب الزّمان والمكان.
إنسانيّة؛ فهي مُتعلّقة بالإنسان وليس أيّ كائن آخر.
القيم النظريّة: هي رغبة الفرد بالتعلّم وسعيه نحو اكتشاف المعلومات والبحث عن مصادرها، ويتّصف صاحب القيم النظريّة بقدرته على النّقد والنّظر للأمور بموضوعيّة، ومن الأمثلة على القيم النظريّة الطّموح العلميّ، والتّجريب، والبحث العلميّ، والتّسامح الفكريّ.
القيم الاجتماعيّة: وتظهر من خلال رغبة الإنسان بتقديم العون لمن حوله، وتفاعله الاجتماعيّ مع الوسط المُحيط به، واتّخاذه إدخال السّرور على الآخرين هدفاً بذاته، ومن الأمثلة على هذه القيم العطف، والحنان، والإيثار.
القيم الدينيّة: تتضّح من خلال اطّلاع الإنسان المُستمرّ على أصل الوجود والكون، والتزامه بتعاليم الدّين، وحرصه على نيل الثّواب والبعد عن العقاب.
القيم الاقتصاديّة: تتمثّل في البحث الدّائم عن الإنتاج المُربِح، والاهتمام بالأموال والثّروات، وغالباً ما يَنظر أصحاب هذه القيم للأمور نظرةً ماديّةً قائمةً على حساب مِقدار الرّبح والخسارة، وقد يتعارض هذا النّوع من القيم مع الأنواع الأُخرى.
القيم الجماليّة: يُعبَّر عنها بالبحث عن الجمال في الأشياء وتقدير الفنّ، ومن أمثلتها التفوّق الفنيّ، وحبّ الفنون، وتقدير الجمال.
القيم السياسيّة: تظهر في حبّ القوّة والتحكّم، وفرض القوانين على الأشخاص والأفراد، ومن أمثلتها تقدير السُّلطة، وتحمُّل المسؤوليّة، والميل للقيادة.
للقيم والمبادئ أهميّةٌ عُظمى في حياة الفرد والمجتمع تُساهم في بنائه تكوينه، ومن أهميّتها:
بناءُ شخصيّةٍ قويّةٍ ناضجةٍ ومُتماسكةٍ صاحبةِ مبدأ ثابت.
اكتساب الفرد القدرة على ضبط النّفس.
التّحفيز على العمل وتنفيذ النّشاط بشكل مُتقن.
حماية الفرد من الوقوع في الخطأ والانحراف؛ حيث تُشكّل القيم درعاً واقياً.
إحساس الفرد بالسّلام الداخليّ.
الاستقرار والتّوازن في الحياة الاجتماعيّة.
إحساس الفرد بالمسؤوليّة. كسب ثقة النّاس ومَحبَّتِهم.
إكساب الفرد القدرة على التّأقلم مع الظّروف برضا وقناعة.
تشكيل نمطٍ عامٍّ للمُجتمع وقانون يُراقب تحرُّكاته.
أساليب تكوين تلك القيم:
الإقناع: عن طريق توظيف الأدلّة والبراهين لإقناع الأفراد بأهميّة قيمةٍ مُعيّنةٍ. اتّخاذ القدوة الصّالحة.
القوانين: جعل القيم جُزءاً من تشريعات وقوانين الدّولة؛ يجعل تطبيقها لزاماً على المُجتمع.
الإعلام: حشد الإعلام لتوجيه المُستمعين نحو قيمة مُعيّنةٍ ودعوتهم إلى تطبيقها.
الدّين: وجود القيمة من ضمن التّشريع الدينيّ يُعدّ ذا أثرٍ كبير على انتشارها وتطبيقها، خصوصاً إذا كان المُجتمع مُتديّناً.