صنعاء نيوز/ -
الناصرة-“رأي اليوم”- من زهير أندراوس:
أثار التسجيل الذي نشره الشهيد إبراهيم النابلسي على حسابه في موقع (تيك توك) وهو مُحاصر، ويُقاوِم قوّات الاحتلال رافضًا تسليم نفسه، أثار عاصفةً في دولة الاحتلال، إذْ أنّ الإعلام العبريّ سارع لنشر التسجيل، زاعمًا أنّ النابلسي، وخلال فترة مطاردته من قبل الاحتلال وقوّات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينيّة، قام بنشر عددٍ كبيرٍ من الفيديوهات، على موقع (تيك توك)، الأمر الذي أدّى لتعظيمه وتحويله لبطلٍ في نظر الفلسطينيين، وعلى سبيل الذكر لا الحصر، شدّدّ موقع (YNET)، الإخباريّ-العبريّ، التابع لصحيفة (يديعوت أحرونوت) الإسرائيليّة، شدّدّ في عنوانه الرئيسيّ على أنّ الفلسطينيين فتحوا ساحة مواجهة جديدة: المطلوبون تحوّلوا إلى نجوم (تيك توك).
ومن المُفيد في هذه العُجالة التأكيد على أنّ إعلام احتفل الاحتلال وما زال يحتفِل بالعملية التي شنّها الجيش في نابلس، وأسفرت عن استشهاد (المُطارد) إبراهيم النابلسي وآخرين. إعلام البلاط المُتطوّع، الذي يتحوّل لكتيبةٍ عسكريّةٍ للترويج للـ”جيش الذي لا يُقهر”، اغتال النابلسي مرّةً أخرى عندما ركّز على نفوق الكلب (ليزي)، الذي شارك في قمع الشعب الفلسطينيّ، مع وحدة مكافحة الإرهاب (يمام). ووصلت الصفاقة والوقاحة إلى حدٍّ لا يُطاق، إذْ أنّ د. أمير بوحبوط، مُحلِّل الشؤون العسكريّة بموقع (WALLA)، الإخباريّ-الإسرائيليّ، نعت الشهيد النابلسي بـ”العرص”!
عُلاوةً على ذلك، فإنّ “صراخهم على قدّ وجعهم”، كما يقول المثل العاميّ، ذلك أنّ الربط بين استشهاد الفلسطينيّ ونفوق الكلب (ليزي)، الذي كان يُرافِق الوحدات الخاصّة بالاحتلال لاغتيال واعتقال الفلسطينيين، الربط ليس بريئًا، بلْ يهدِف للإمعان بإذلال الفلسطينيين، إذْ أنّ المهرجان الإعلاميّ عن نفوق كلب الاحتلال يدخل في إطار الحرب النفسيّة السافِلة، الحقيرة والخبيثة التي يعكِف الاحتلال وموبقاته على إخراجها إلى حيّز التنفيذ.
وعودٌ على بدء: موقع (YNET) العبريّ الذي عنون تقريره بـ”إرهاب التيك توك”، قال نقلاً عن محافل أمنيّةٍ واسعة الاطلاع في تل أبيب إنّ إبراهيم النابلسي الذي تمّت تصفيته في نابلس، بعد أنْ تمكّن وعلى مدار شهورٍ من الإفلات من قوى الأمن الإسرائيليّة التي حاولت اعتقاله، وتحوّل إلى “نجم تيك توك” لدى الفلسطينيين، النابلسي، أضاف الموقع أكّد لكلّ مَنْ في رأسه عينان أنّ ساحة المواجهة الجديدة بين الاحتلال الإسرائيليّ والمُقاومة الفلسطينيّة باتت تجري على مواقع التواصل الاجتماعيّ، وعلى نحوٍ خاصٍّ الـ(تيك توك)، حيثُ يقوم الفلسطينيون، وتحديدًا مَنْ تُسّميهم إسرائيل والسلطة الفلسطينيّة بـ”المطلوبين”، بنشر فيديوهاتٍ عن المقاومة، تتضمّن رسائل حادّةٍ كالموس لدولة الاحتلال، كما أكّدت المصادر للموقع العبريّ,
بالإضافة إلى الشهيد النابلسي، هناك العديد من المطلوبين، الذي يلجئون لموقع (تيك-توك) يتحدّون الاحتلال عبر الفيديوهات التي ينشرونها، ويرفضون الـ”عروض السخيّة” التي يُقدّمها لهم لتسليم أنفسهم، كما يتبيّن من الفيديو، الذي تنشره (رأي اليوم)، إذْ أنّ المطلوب عمّار فايز عرفات، من مخيم بلاطة بالقرب من نابلس، تلقّى مكالمة تهديدٍ من ضابط (الشاباك) الإسرائيليّ، قبل اعتقاله بعدّة أسابيعٍ، ورفض تسليم نفسه، وممّا قاله للضابط في المكالمة العينية: “أُفضِل أنْ أموت شهيدًا، ولا أقيم لك وزنًا، لا أنت ولا مَنْ هم أكبر منك”.
وكان الاحتلال، قد تمكّن صباح الـ15 من آذار (مارس) الماضي، من اعتقال المطارد عرفات من مخيم بلاطة شرقي نابلس شمالي الضفة الغربية المحتلة، وجاء الاعتقال بعد أشهرٍ من دخوله قائمة المطاردين للاحتلال على خلفية نشاطه المقاوم.
فايز عرفات، والد عمار، قال إنّ نجله ومنذ بدء مطاردته اعتاد أنْ يبيت كلّ يومٍ خارج منزله في أزقة المخيم، ويعود في الصباح الباكر. وأضاف “اليوم، وبعد دقائق معدودة من دخوله إلى بيته، اقتحمت قوة كبيرة من الجيش المخيم، وحاصرت البناية التي يسكن فيها، واعتقلته”، لافتًا إلى أن الجنود استخدموا الكلاب البوليسية باقتحام منزل عمار، والتي نهشت لحمه.
وخلال الأشهر الماضية، تعرض منزل عرفات لمداهمات الاحتلال، وبعضها من القوات الخاصة، لكنها لم تتمكن من اعتقاله. وفي اتصالات عديدة مع والده، هدده ضابط مخابرات إسرائيلي بتصفية نجله إذا لم يسلم نفسه، وهو ما كان يرفضه.
ويقول والده: “عمار صمم على عدم تسليم نفسه والمضي بمقاومة الاحتلال، ولهذا بدأ بإعداد حالة مقاومة داخل المخيم”، مُضيفًا:”في حديثه لأصدقائه قبل مدة، عبّر عن استيائه من الحالة السيئة في المخيم، وأخبرهم بضرورة إيجاد حالة مشرفة”. وعلى إثر ذلك، بدأ بجمع السلاح وتشكيل مجموعة مسلحة مع أصدقائه، وتواصل مع المقاومين بالبلدة القديمة بنابلس لهذا الغرض.
وكان عرفات، أحد أفراد كتائب شهداء الأقصى، قد غردّ على صفحته الشخصية بـ”فيس بوك” بعد فشل محاولة اعتقاله من قبل الأجهزة الأمنيّة التابعة للسلطة الفلسطينيّة في رام الله: “ما حصل اليوم أجهزة الأمن قامت في ساعة المغرب باقتحام المنزل. للأسف من كثر الأمن الفائق تمكّنتُ من الخروج من بين القوة وهم مثل المهابيل. طبعًا اقتحموا المنزل وخرج بعض الأشخاص وأطلقوا النار عليهم، ومن كثر “الجرأة” التي يتمتعون بها، أخذوها انبطاح وصاروا يطلقوا النار بشكل عشوائي فأُصيب أحد الأطفال بالمخيم برصاص السلطة لأنّ القوة التي أرسلتها ما شاء الله كرفته”، على حدّ تعبيره.
وأضاف:”يا سلطة الانبطاح بس للمهمات الفاشلة حطوكم والمشكلة نسوا اثنين من العساكر فوق السطح وانسحبوا.. في المرّة القادمة أعطوهم داء جرأة أحسن يا أصحاب الانبطاح، ابعثوا عساكر صح مش أرانب”، كما قال.
واللافت أنّه رغم وجود عددٍ كبيرٍ من المطاردين، فإنّ الاحتلال يجِد صعوبةً بالغةً في العثور عليهم واعتقالهم، على الرغم من أنّ قسمًا كبيرًا منهم، يقومون بتصوير فيديوهات ونشرها على (تيك توك) ويُوجّهون رسائل سياسيّة وأخرى للاحتلال، ويتنقّلون من كان لآخرٍ، في تحدٍّ واضحٍ للاحتلال والسلطة الفلسطينيّة على حدّ سواء.
وما زالت المعركة على (تيك توك) مُستمرّة. |