صنعاء نيوز - 
إن دولة القانون بمفهومها الواسع هي التي تقيم التوازن بـين ضـرورات الـسلطة وضمانات الحقوق والحريات العامة؛ لأن تغليب ضرورات السلطة يـؤدي إلـى الاسـتبداد

الأحد, 14-أغسطس-2022
صنعاء نيوز/ الدكتور عادل عامر -
الدكتور عادل عامر

إن دولة القانون بمفهومها الواسع هي التي تقيم التوازن بـين ضـرورات الـسلطة وضمانات الحقوق والحريات العامة؛ لأن تغليب ضرورات السلطة يـؤدي إلـى الاسـتبداد، وتغليـب ضمانات الحقوق والحريات العامة يؤدي إلى الفوضى. ودوماً كانت هناك هوة واسعة بين الشعار أو المبـدأ الدسـتوري وبين تحقيقه على أرض الواقع. عرف فقهاء القانون الدستوري الشرعية على انها الاتفاق مع القواعد القانونية ايا كان مصدرها دستوريا ام تشريعيا وتسيد أحكامها على كل من الدولة والافراد سواء كانوا حكاما ام محكومين .

و بمعنى اخر ان الشرعية تعني التزام كل من الدولة والافراد بعدم مخالفة القواعد القانونية مع وجود الجزاء على الاخلال بهذا الالتزام اذ لاضمانة بغير جزاء على المخالفة حيث تتوقف قيمة الالتزام ومدى الايمان به على مدى فاعلية هذا الجزاء ، فالشرعية اذن تعني مبدا سيادة أحكام القانون اذ عن طريقهما لايمكن لاي هيئة ان تصدر قرارا فرديا الا في الحدود التي بينها القانون او الدستور .

و تعتبر الشرعية من اهم الضمانات لحقوق وحريات المواطنين الاجتماعية والاقتصادية والسياسية حيث لاتستطيع الهيئات والحكام ان تفرض القيود على الحريات الا من خلال القواعد القانونية طالما ظلت تلك القواعد القانونية قائمة ذلك لان تحديد حقوق وحريات المواطنين يتم وفقا للقواعد القانونية المقدمة مسبقا من قبل الصفوة الحاكمة ،

فضلا عن ان كل ما يتعلق في مجال العلاقات المتبادلة بين هيئات سلطة الدولة والمواطنين يفترض بانها تحدد بالقواعد القانونية ، ولهذا فان القواعد القانونية تعتبر بالنسبة لجميع هيئات الدولة والحكام والمواطنين واحدة حيث انهم جميعا ملزمون بصورة متساوية بالخضوع للقانون ولايحق لاي فرد الاخلال بالقانون او الانحراف عن متطلبات الشرعية ذلك لان القانون هو قانون للجميع وهذا مبدا ثابت من مبادئ الدولة القانونية لذا فان اي اخلال بالقواعد القانونية من قبل احدى هيئات الدولة يعتبر عملا مخالفا للشرعية كما انه يعتبر استبدادا يعاقب عليه القانون .

و هناك مبادئ تتحقق بها الشرعية منها : ان كل هيئات الدولة مقيدة في حدود القانون حيث انها لا تستطيع اصدرا اي قرار الا من خلال احكام التنظيم القانوني اي في حدود تشريع عام وضع سابقا يسري على الجميع .

فضلا عن ان على الهيئة مصدرة القرار ان تراعي التدرج القانوني باتخاذ القرارات والا تكون متعارضة مع قاعدة قانونية اعلى منها وبخلافه تعتبر هذه القرارات باطلة لان احكام القانون يجب ان تكون في نطاق الشرعية الدستورية ومثلها القرار الاداري بالنسبة للقانون كما يجب ان تكون احكام الدستور ذاتها متفقة واحكام المشروعية العليا التي تسمو وتعلو على الدولة والافراد والدستور والمتمثلة بالأيديولوجية الحاكمة . و لضمان الشرعية تعمد الدول الى وضع قيود في القانون الدستوري على هيئات السلطة الحاكمة التي تقوم بتوقيع الجزاء وفرض الطاعة على المواطنين مما يؤدي الى ان تكون هيئات السلطة هي نفسها المطالبة بتوقيع الجزاء على نفسها اذا ما خرجت على القيود التي تفرضها القواعد الدستورية لهذا اقرت بعض الدول ضمانات معينة تكفل حسن تطبيق قواعد القانون الدستوري والتي تحد من محاولة الخروج عليها من جانب هيئات الدولة .

إنَّ مسؤولية الوصول إلى الحكم الرشيد لا تقع حصراً على عاتق الحكومـة. إن الحكم الرشيد يتطلب، بالطبع، العديد من الإجراءات من جانب الحكومـة، ولكنـه يتطلـب أيـضاً مشاركة فاعلة من قبل المحكومين/الشعب.

إن الوصول إلى الحكم الرشيد ليس مسألة بسيطة، وإنمـا يشكل تحدياً على المستويات كلّها الثقافية والـسلوكية والمؤسـساتية والتقنيـة... والـسياسات أو الإجراءات المتخذة لمواجهة هذا التحدي المتعدد الجوانب يجب أن تأخـذ بالحـسبان فـي مختلـف تفصيلاتها قيمتي الحكم الرشيد : التضمينية والمسائلة، والعمل على تعزيزهما وإزالة العوائق التـي تحد منهما. والديمقراطية تُهيء بيئة مناسبة لحماية حقوق الإنسان وإعمالها على نحو فعّال.

أمّا الشرعية الدستورية فهي تحتكم صوريّاً وشكلياً للقيم السياسية المعاصرة، فتسير الحياة السياسية تبعاً للدستور وتقام انتخابات، لكن تظل كلّ هذه المظاهر سطحية، فالحداثة السياسية لم تنفذ بعد إلى صميم الحياة، نظراً لهجانة هذه الأنظمة السياسية وتلبسها بالعتاقة والتقليد، لهذا يرى الباحث في الانتخابات الرئاسية شكلاً من أشكال مبايعة الرئيس نفسه، إنّ الانتخابات هي مراسيم عصرية للبيعة.

والديمقراطية إحدى قِيم الأمم المتحدة ومبادئها الأساسية والعالمية غير القابلة للتجزئة. وهي تستند إلى إرادة الشعوب التي تُعبِّر عنها تعبيراً حراً، كما أنها تتصل اتصالاً وثيقاً بسيادة القانون وممارسة حقوق الإنسان والحريات الأساسية.

أنّ مسألة الديمقراطية تحتل مكانة سامية لدى منظمة الأمم المتحدة لذا فإنّ المنظمة تقوم بدعم الدول وذلك لدعم وإعمال قيم الديمقراطية وذلك من خلال برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ومفوضية حقوق الإنسان وإدارة عمليات حفظ السلام , فضلا عن إدارة الشؤون السياسية وصندوق الأمم المتحدة للديمقراطية وهيئة الأمم المتحدة للمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة حيث تقوم منظمة الأمم المتحدة .

وبالنسبة لأمتنا العربية والإسلامية في تاريخها وعلى امتداد أراضيها الشاسعة في القارات المعروفة ما كانت الدولة الإسلامية لتقوم وتصوغ مفاهيم وأفكار الحضارة العربية الإسلامية لولا تلكم المبادئ والقيم العقيدية السامية التي جاء بها الدين الحنيف – الدستور السماوي – «البيعة والولاء والطاعة» والترجمة الأمينة والصادقة لها

كما تجسد في تشكيل وتكوين اللبنة الأساسية الأولى لتلكم الدولة في المدينة المنورة في ظل الرسول الأعظم والنبي الخاتم صلى الله عليه وآله وسلم ومن ثم بالاعتماد الصارم على الشريعة ومصادرها الأساسية : القرآن والأحاديث النبوية والاجتهاد والمصالح المرسلة وكان الفهم لدور هذه الدولة ولرسالتها ومسؤولياتها يتوقف على القدرات الاجتهادية في ظل الخلافة الراشدة وما تلاها.

وحقيقة فإنه لا تتطلب هذه الإشارة التوسع فيها هنا لأن قلب الحديث في عمود اليوم هو الشرعية التي بدونها لا يمكن أن نرى إلا الفراغ الخطير الذي لا يمكن أن يكون إلا مرتعا للفوضى وتفاقم الاختلاف والصراع والانجرار إلى كل أشكال الاحتراب والفتنة التي صار يحذر منها الجميع فمنú هو الذي لا يمكنه اليوم ومع استمرار تفاقم الأزمة القائمة

أن لا يستشعر ذلكم الخطر الداهم الذي كان الدافع الأول والأهم لانطلاق المبادرة الأخوية الحكيمة من قابل الإخوة الأعزاء في دول مجلس التعاون الخليجي العربية في التوسط من أجل تجاوز الأزمة واجتراح الحلول الناجعة لها والتي تحقق الوفاق والتوافق الوطني شامل النتيجة التي لا يمكن الوصول إليها إلا من خلال الامتثال لنصوص الدستور وصيانة الشرعية الدستورية في بلادنا.

وذلك هو من أهم ما يدفع اليوم إلى الأمل والتفاؤل بالنسبة للحوار الذي بدأت خطواته التمهيدية الأولى في الرياض عاصمة المملكة العربية السعودية وفي أبو ظبي عاصمة دولة الإمارات العربية المتحدة تقدما نحو اجتماع كافة الأطراف التي تحرص على الحفاظ على وحدة الوطن وأمنه واستقراره والتمسك بكل ما تحقق لشعبنا وبلادنا من مكاسب وطنية ومنجزات عظيمة لا يستهان بها في ظل المسيرة المباركة للثورة اليمنية الخالدة «سبتمبر وأكتوبر»

وفي المقدمة من ذلك الوحدة اليمنية المباركة التي وجدت محصنة بالديمقراطية برغم تنكر أحزاب اللقاء المشترك لحقائقها الماثلة في الحياة العامة اليمنية وفي المنجزات الكبيرة التي تم تحقيقها خلال الفترة الماضية غير أن الأخطر اليوم في الأزمة القائمة هو الإصرار الأعمى والغطرسة السياسية والفكرية الحادة التي يتسم بها الموقف المتعصب ضد الديمقراطية والدولة اليمنية القائمة على أساس من الشرعية الدستورية من قابل البعض

وبصور متهورة تعبر عنها الكلمات النابية والادعاء بامتلاك رأي الشعب والاستحواذ على مطالب الشباب ومواقفهم في ساحات الاعتصام وتجاهلهم المتعمد لحقيقة المجتمع الوحدوي التعددي الحر القائم اليوم على الأرض اليمنية بكل ما تعنيه كلمة الحرية وقد غدت حقيقة معاشه في كل ما يشهده الوطن من تفاعلات سياسية وإعلامية وفكرية وتدافع اجتماعي وحضاري بما في ذلك ما دأبت على القيام به أحزاب اللقاء المشترك

والذي يراد له أن ينساق إلى ما لا يحمد عقباه بسبب التعصب أو التصلب وكل ما صار يقدح المخاوف التي صارت تعتصر القلوب على الوطن ومصيره المحتمل وبسبب الوصول في عملها المكشوف إلى إهدار قيمة حضارية وإنسانية راسخة في الديمقراطيات المتقدمة والناشئة وهي شرعيتها القيمية المرتبطة بالقواعد القانونية العليا المنظمة للدولة والمجتمعات والعسف بحقيقة دستورية جوهرية ثابتة في كل الأنظمة الدستورية العصرية

ألا وهي الشرعية الدستورية وهي القاعدة الأصولية التي تقوم عليها الدول المعاصرة ومجتمعات التعددية الحزبية والسياسية في كافة الأقطار والدول والاتحادات الدستورية الجمهورية أو الملكية وهو ما يعتبر الالتزام به والحرص على صيانته وأفعاله مقدمة كل الواجبات وفي صدارة الحوار
تمت طباعة الخبر في: الأربعاء, 11-ديسمبر-2024 الساعة: 11:38 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.sanaanews.net/news-85371.htm