صنعاءنيوز -
تواجه أوروبا جفافاً غير مسبوق هو الأسوأ منذ 500 سنة، نتيجة درجات الحرارة القياسية التي قلصت منسوب المياه في الأنهار الكبرى وحوَّلت المساحات الخضراء إلى أرض جرداء.
وأدى انخفاض منسوب المياه إلى الكشف عن ما يُسمى بـ"حجارة الجوع"، وهي صخور في مجرى الأنهار لا تُرى إلا حين تكون مستويات المياه منخفضة للغاية، ونُقشت عليها رسائل تركها الناس في العصور السابقة عن الكوارث التي سببها نقص المياه خلال فترات الجفاف السابقة.
والتفسير الأول الذي يراه العلماء الأوروبيون هو أن الجفاف الأوروبي يرجع إلى التغيرات المناخية التي أدت إلى تراجع تساقط الثلج وارتفاع منسوب استهلاك النباتات للماء نتيجة انخفاض خصوبة الأرض، في حين بدأت بعض الحكومات باتخاذ إجراءات لمواجهة شح المياه، مثل #فرنسا التي حظرت استخدام المياه لغسيل السيارات أو ري الحدائق المنزلية وأغلقت مرافق الاستحمام في الشواطئ.
ويُقدّر خبراء الاقتصاد أن موجات الجفاف تسبب خسائر كبيرة للاقتصاد الأوروبي، حيث ستؤثر درجات الحرارة العالية الطويلة على الناتج الداخلي الخام لأوروبا، وقد يتراجع نمو الناتج الداخلي بنسبة 0.5% مقارنةً بالسنوات العشر الماضية، وفقاً لدراسة نشرتها المجلة العلمية البريطانية "نيتشر".
كيف تتأثر أوروبا من الجفاف؟
الجفاف الذي أصاب الأنهار الأوروبية تسبَّب في اضطرابات قوية في حركة التجارة عبر الأنهار، والتي تُعتبر عنصراً مهماً للنقل بين الدول الأوروبية، وتُسهم بنحو 80 مليار دولار في اقتصاد منطقة اليورو، بحسب بيانات هيئة الإحصاء "يوروستات"، وهو المبلغ الذي ينتظر #الاتحاد_الأوروبي فقدانه من الميزانية إذا توقفت حركة النقل عبر الأنهار والقنوات المائية بالمنطقة.
والأزمة التي لم يسبق مثيل لها منذ 5 قرون، بحسب تأكيد مركز الأبحاث المشترك التابع للمفوضية الأوروبية، تأتي متزامنةً مع الأزمات الاقتصادية والسياسية الناجمة عن الحرب الأوكرانية، مما يضع القارة في مأزق مرافقٍ لفرض عقوبات على #روسيا.
فالمنتجات النفطية تُنقل داخل أوروبا عبر الأنهار، إضافةً إلى أن دولاً أوروبية تعتمد على توليد الكهرباء بالأساس من الطاقة الكهرومائية، ومع انخفاض مستوى السدود حالياً، فإنه سيتم استخدام الغاز لتعويض هذا النقص، في الوقت الذي تبحث فيه أوروبا عن مصادر بديلة للغاز عوضاً عن روسيا.
وتُعتبر #النرويج -التي تمد أوروبا بالغاز- من أكثر الدول تضرراً من الضربة التي تلقتها الأنهار، وهو ما يعني أنها ستستخدم الغاز لتعويض نقص الكهرباء المنتَج عبر الطاقة الكهرومائية، وبالتالي فإن القارة لن تتلقى الغاز النرويجي، وفقاً لما تذهب إليه التحليلات في الوقت الراهن.
وفي #ألمانيا قد تتضاعف أزمة الغاز، حيث تواجه صعوبة "النقل النهري" وإعاقة حركة نقل الفحم، وهو ما سيهدد خطة الحكومة الألمانية لتشغيل محطات توليد الكهرباء باستخدام الفحم، ويُعدُّ "نهر الراين" الألماني شريان حياة في قلب أوروبا، وقد انخفض منسوبه ليهدد حركة السفن والإمدادات الحيوية لألمانيا.
وفي حين أعلنت الحكومة الفرنسية أن 100 منطقة باتت تعاني من غياب تام للمياه الصالحة للشرب، أصبح نهرا "رون" و"غارون" الفرنسيان دافئين بسبب ارتفاع درجات الحرارة، إلى حد أنها لا تسمح بتبريد المفاعلات النووية بشكل فعَّال، كما شهد نهر "بو" في #إيطاليا انخفاضاً شديداً في منسوب المياه وأصبح غير كافٍ لري حقول الأرز، وقالت الحكومة الإيطالية إن ما يحدث في البلاد لم يتم تسجيله منذ أكثر من 230 سنة.
كما أُعيقت حركة تجارة الحبوب وغيرها بسبب جفاف "نهر الدانوب" الذي يمر عبر مساحة 1800 ميل بين وسط أوروبا والبحر الأسود.
وجفَّت منابع "نهر التايمز" بـ #بريطانيا وأعلنت الحكومة عن حالة الجفاف رسمياً في أجزاء من جنوب ووسط وشرق #إنجلترا، بعد فترة طويلة من الطقس الحار والجاف الذي تشهده القارة الأوروبية.
وبحسب التحذيرات فإن الجفاف يؤثر حالياً على أكثر من 60% من الأراضي الأوروبية، وفقاً لمرصد الجفاف الأوروبي.
هذا وتواجه أوروبا أزمة حادة في توفير الغاز بعد تقليص روسيا إمداداتها، على خلفية العقوبات المفروضة عليها.
وأقرت دول الاتحاد الأوروبي خفضاً طوعياً في استهلاك الغاز بنسبة 15% للتمكن من زيادة مخزوناتها قبل دخول فصل الشتاء، وهو ما يقول عنه الخبراء إنه لن يعالج من مسألة فواتير التدفئة التي من المتوقع أن تبقى مرتفعة.
|