صنعاء نيوز/بقلم / عبد الناصر فروانة -
في الوقت الذي يحتفي فيه الشعب الفلسطيني بشكل عام ، والحركة الأسيرة بشكل خاص ، بالذكرى السادسة والعشرين لصفقة تبادل الأسرى التي تمت ما بين " إسرائيل " والجبهة الشعبية – القيادة العامة في مثل هذا اليوم من عام 1985 ، والتي عرفت بـ " عملية الجليل " ، وأطلق بموجبها سراح ( 1155 ) أسير فلسطيني وعربي وأممي من سجون الاحتلال الإسرائيلي .
وفي الوقت الذي تأمل فيه الحركة الوطنية الأسيرة بتكرار تلك الصفقة باعتبارها الأعظم والأزخم على صعيد صفقات تبادل الأسرى ، لأنها تمت وفقاً للشروط والمعايير الفلسطينية بكل ما يُعنيه ذلك من معاني ودلالات ، بل واكتسبت بُعداً فلسطينياً وقومياً وأممياً ، وكانت الأكثر ألماً ووجعاً للاحتلال .
في هذا الوقت تُطل علينا صحيفة " القدس العربي " بخبر يُعيد للأذهان تلك الأخبار التي تناقلتها وسائل الإعلام قبيل إتمام صفقة جبريل عام 1985 ، وتفيد بأن انفراج كبير قد حدث في مفاوضات صفقة " شاليط " وأن " إسرائيل " وافقت على إطلاق سراح عشرين أسيراً من أسرى الداخل ممن حكم عليهم بالسجن المؤبد بتهمة تنفيذ عمليات قتل فيها إسرائيليين .
الخبر جاء على لسان رئيس جمعية أنصار السجين في الداخل صديقي العزيز منير منصور ، في سياق مقابلة شاملة حول الموضوع ، والذي كشف خلالها أيضاً عن أن الإفراج عن هؤلاء مشروط بإبعادهم لخارج فلسطين ، وأن المفاوضات تدور الآن على الدولة المستضيفة وفترة الإبعاد .
وفي ذات السياق أفاد موقع (بكرا ) على الإنترنت أمس الخميس، بانّ المفاوضات حول صفقة التبادل شهدت مرحلة متقدمة وحاسمة، بحيث أن الصفقة باتت وشيكة، وأن تركيا دخلت على الخط لتقريب المواقف ما بين " حماس " و" إسرائيل " وتحريك المفاوضات وإبداء الليونة بالموقف الإسرائيلي حول أسرى الداخل والقدس ، مقابل موافقة تركيا على تأجيل أسطول الحرية رقم 2 لكسر الحصار عن قطاع غزة، والذي كان سيبحر باتجاه القطاع بالذكرى الـ 63 لنكبة فلسطين ( وفقا لما جاء بالخبر المنشور على صفحات القدس العربي ) .
أخبار هامة انتظرناها طويلاً ... أخبار سعيدة ومفرحة لنا ، قبل غيرنا ، وقبل أسرى الداخل القابعين في سجون الاحتلال منذ سنوات طويلة وعائلاتهم في يافا واللد والرملة ، في أم الفحم وباقة الغربية وعارة والمثلث ، لأن فرحتنا ستكون منقوصة ، ( لا ) بل لا معنى لها فيما لو تمت الصفقة دون أسرى الداخل ، ولأننا لم ولن نقبل بتمزيق الحركة الأسيرة ، ونرفض استبعادهم واستثائهم من صفقة التبادل ، على اعتبار أنهم جزء وجزء أصيل من الشعب الفلسطيني والحركة الوطنية الأسيرة .
فـ " إسرائيل " تتعامل معهم كمواطنين إسرائيليين باعتبارهم يحملون الهوية " الإسرائيلية " وتعمل على عزلهم عن باقي الأسرى الفلسطينيين ، وتعتبر سجنهم والأحكام الصادرة بحقهم شأناً داخلياً ، وأبقت قضيتهم رهينة في قبضتها وتصر على استبعادهم من صفقة التبادل ، في حين أن كافة الصفقات التي جرت في الماضي قد شملت عددا منهم .
ولعل تزامن ذكرى صفقة " أحمد جبريل " مع الكشف عن هذه الأخبار السعيدة ، له دلالات ومعاني بالنسبة لنا ، ويقودنا إلى التأكيد على ضرورة الربط بين هذا وذاك ، وكثيرا ما حلمنا بتكرار صفقة التبادل الرائعة التي جرت في مثل هذا اليوم من عام 1985 ، بظروفها وشروطها ومعاييرها .. فهل ستفعلها حماس وتكرر التجربة بعد 26 عاماً ؟ وهل ستنجح في فرض شروطها ومعاييرها ؟
أظن أن الفصائل الآسرة لـ " شاليط " وبالتحديد حركة " حماس " لم ولن تقبل بصفقة تبادل أسرى تُبقي أسرى الداخل في سجون الاحتلال الإسرائيلي ، وبتقديري الشخصي وحسب معلوماتي فان ما أعاق إتمام الصفقة في الآونة الأخيرة هو إصرار " إسرائيل " على استبعادهم ، وتمسك " حماس " بهم وبضرورة إدراجهم ..
ومع ذلك ورغم سعادتنا بهذه الأخبار ، إلا أن الأمر بحاجة لتأكيد من حركة " حماس " وخاصة من المستوى السياسي المطلع على تفاصيل ومجريات المفاوضات ذات العلاقة بالصفقة ، بما يطمئن أسرى الداخل وعائلاتهم .
وفي الختام نجدد موقفنا ونؤكد على أن أية صفقة تبادل يمكن أن تتجاوزهم ، هي صفقة مرفوضة فلسطينياً، وأن معيار نجاح الصفقة مرتبط بشكل أساسي بمدى شمولها لأسرى الداخل لا سيما القدامى منهم ، وأن مدى تمسكنا كفلسطينيين بتحريرهم يعكس مقدار تمسكنا بتحرير يافا وحيفا والرملة ، وأظن أن الفصائل الآسرة لـ " شاليط " لن تخذلهم .. وما كشفت عنه اليوم صحيفة " القدس العربي " يؤكد ذلك ويبشر خيراً ، ويشير فيما لو أكدت ذلك " حماس " إلى أن صفقة التبادل باتت وشيكة .
عبد الناصر فروانة
أسير سابق ، وباحث مختص في شؤون الأسرى
مدير دائرة الإحصاء بوزارة الأسرى والمحررين في السلطة الوطنية الفلسطينية
|