صنعاء نيوز رشيد شاهين - لماذا على الفلسطيني أن يتفاوض بشروط اوباما ونتانياهو؟؟
كل من استمع إلى الرئيس الأميركي باراك اوباما خلال الأيام الماضية، يدرك بدون شك ان الرجل قد حسم موقفه تماما، فهو قد تبنى المقولات الإسرائيلية في كل ما يتعلق بهذا الصراع الدائر على هذه الأرض منذ عقود، وبذلك يكون خيرا فعل، حيث كشف بلا ريب عن موقف منحاز تماما للمطالب الإسرائيلية، وهو بذلك على أية حال اثبت انه لا يختلف عمن سبقه في هذا الموقع من الرؤساء في أميركا.
اوباما الذي هلل له من هلل، وطبل له من طبل، يتراجع أمام رئيس وزراء إسرائيل كما لم يفعل أي رئيس أميركي من قبل، وهو يفعل ذلك بشكل فيه الكثير من الإذلال والمهانة، فهو ما ان يعلن عن شيء حتى يتراجع عنه في اليوم التالي بشكل مخز، وكأنه لا يمثل القوة "العظمى" في العالم.
ان أية مراجعة لمواقف اوباما فيما يتعلق بالصراع الإسرائيلي الفلسطيني، منذ استلامه السلطة، تدلل على انه لم يتقدم إلى الأمام قيد أنملة، لا بل كان الرئيس الأكثر فشلا على هذا الصعيد، هذا الفشل والتراجع كانا من بين الأسباب التي أدت إلى استقالة المبعوث الأمريكي للسلام في الشرق الأوسط جورج ميتشل.
قلنا وقال غيرنا منذ البداية، انه لا داع للمراهنة على اوباما، لأنه الحصان الخاسر، لا بل وربما الأكثر خسارة، فهو ومنذ تسلمه للسلطة، رمى بنفسه في الحضن الصهيوني وجماعات الضغط اليهودية، وهادن ونافق وجامل، وعين في أرقى المناصب كل من يعتقد بأنه سوف يبيض وجهه لدى هؤلاء، وكان كل ما تعلمه عن مارتن لوثر كنغ مجرد ترف فكري ضروري للمرحلة التي سادت فيها تلك الثقافة، لا بل هو تخلى حتى عن كل علاقاته التي كانت مع المثقفين والشخصيات الفلسطينية والعربية.
تحدث اوباما عن حقوق الشعوب العربية في الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، وتحدث عن حق المواطن الإسرائيلي في الأمن والأمان، واستعرض معاناة إسرائيل ودافع عن الدولة اليهودية، ورفع شعارات حاول من خلالها دغدغة عواطف الشعوب العربية، واستذكر الحكام الطغاة متخليا عنهم بشكل يثير الشفقة، لا بل تعامل مع الأمر، وكأنه كان بريئا منهم، أو انه لم يسهم في ترسيخ دعائم حكمهم، وانتظره من انتظره لكي يتحدث في نفس الاتجاه عن الحقوق الفلسطينية، وعن ظلم الاحتلال وقهره، واستلاب الأرض والإنسان في هذه الأرض، لكن دون جدوى.
ان ما أثاره اللوبي اليهودي حول موضوع الدولة الفلسطينية في حدود العام 1967، ليس سوى ابتزاز رخيص آخر، يدلل على عقلية الابتزاز والتزوير لدى هذا اللوبي، حيث ان هذا الموضوع كان دوما على أجندة كل من سبق اوباما في البيت الأبيض، إلا ان هؤلاء وجدوا في الرجل انه الرئيس الأضعف والأكثر استجابة لأي ضغط، ومن هنا أثاروا الزوبعة عليه، وحصلوا على ما أرادوه في هذا الشأن، وسوف يستمر الابتزاز ولن يتوقف عند هذا الحد. وهو على أي حال كان سيتساوق معهم بدون زوابع لأنه لا زال مسكونا بعقدة نقص في ذاته تحدث عنها في كتابه " أحلام من والدي".
على أية حال، ما جرى خلال الأيام الماضية، كان بمثابة البرهان على ان كل المراهنات على أميركا وعلى اوباما لحل الصراع، ليست سوى مراهنات فارغة لا طائل تحتها ويجب التوقف عنها.
عندما ندعو إلى ذلك، ليس لأننا الطرف الذي يمتلك ما تمتلكه دولة الاحتلال من قوة وتأثير في العالم، لكننا ندعو إلى ذلك مع علمنا بان الطرف الفلسطيني هو الطرف الأضعف، خاصة فيما يتعلق بقضايا المال والتأثير والقوة العسكرية، ولكننا ندرك بان الطرف الفلسطيني هو صاحب الحق، ومن يملك الحق يملك القوة.
لدى الطرف الفلسطيني الكثير من أوراق القوة، ومنها على سبيل المثال، حل السلطة، ومن ثم لتخرج القيادة الفلسطينية إلى الخارج، أو لتبقى هنا إذا كان هنالك تخوفات من الضغوط عليها في الخارج من الدول العربية "الشقيقة" وهذا ليس بمستبعد، لم لا تبق هنا بدون ممارسة القيادة بشكلها الحالي؟!
لتنسحب القوات الفلسطينية من شوارع وأزقة البلدات والقرى والمدن والمخيمات، ولتعد القوات الإسرائيلية إلى الانتشار في المناطق المحتلة وإقامة المعسكرات، من اجل إنهاء الوهم الذي "عشعش" في بعض الأذهان عن استقلال موهوم كاذب حصل عليه الشعب الفلسطيني، ولتتحمل دولة الكيان مليارات- نعم مليارات- الشواقل المترتبة على مثل إعادة الانتشار هذه.
لتمتنع القيادة الفلسطينية عن التوقيع على أية اتفاقات يريد هذا الطرف أو ذاك ان يفرضها عليها، ولتتحمل إسرائيل كل تبعات الاحتلال، بما في ذلك دفع الرواتب وكل ما يترتب عليها من مسؤوليات كدولة احتلال – حتى لا يبقى ارخص احتلال في العالم من حيث التكلفة المادية على الأقل- وللتحمل ما سيواجهها من انتفاضات وبالتالي من خسائر يومية من خلال نشر قواتها، وبالمناسبة هذه أمنية يتمناها الكثير من الشباب الفلسطيني.
لماذا لا تصعد القيادة الفلسطينية الدعوة لإقامة دولة واحدة لشعبين؟ ولم لا تعلن جاهزيتنا للعيش في دولة واحدة مع الإسرائيليين، وبذلك يتم قطع الطريق على ما يدعونه عن رغبة لدينا في القضاء على دولتهم، وليستمروا في بناء المستوطنات في الأراضي الفلسطينية، فهي على أية حال تزيد العقبات في موضوعة حل الدولتين، وهذا بحد ذاته يقود إلى حل الدولة الواحدة.
لم لا نمارس ما يمكن ان نطلق عليه"عصيانا مدنيا" في موضوع المفاوضات، أي ان نرفض استقبال من يريد ان يسرق حقنا ووطنا، ومن ينافق ويجامل الطرف المعتدي على حساب حقوقنا، ويسرق أرضنا وإنسانيتنا وحقنا في تقرير مصيرنا، وعند ذاك لن يجد العالم من يتفاوض معه.
العالم لن يتفاوض مع نفسه نيابة عن الشعب الفلسطيني. لا بل ان العالم بأسره يدرك ان لا أحد في هذا الكون يمكن ان يجبر الطرف الفلسطيني على التفاوض بالشروط التي يضعها اوباما ونتانياهو أو أي كان. أو ليس كل ما أطلقه اوباما ونتانياهو هي جملة من الشروط المسبقة، إذن لماذا على الطرف الفلسطيني القبول بها؟
قد يبدو الطرف الفلسطيني هو الأكثر ضعفا في المعادلة، هذا إذا ما تم النظر إليه من خلال الموضوع العسكري والاقتصادي، إلا ان هذا الضعف يصبح من عوامل القوة إذا ما استطاع الطرف الفلسطيني ان يتعامل مع نقاط ضعفه، من خلال استثمار جيد وبطريقة تحول عوامل الضعف إلى عناصر قوة، وهي قوة لا بد من ان الطرف الآخر يحسب حسابها ويدركها بشكل أكيد. |