صنعاء نيوز د . موسى الحسيني - اوراق من سيرة مناضل لاينكسر
عربي انا ، من العراق ، وافتخر ، واذ اشكروالدي وجدي لابي ( يرحمهما الله ) على شئ ، وافضالهما كثيرة لاتحصى ،الا ان ما تميزا به هو انهما علماني معاني العزة والكرامة والشيم العربية ،وكيف يمكن ان تكون الهوية العربية نبع معاني سايكولوجي لاينضب يغذي الخير وكل قيم الرجولة والانسانية في سلوكي ، ويمنحني القوة والارادة في التصدي لكل التيارات والتوجهات الشعوبية المعادية للامة العربية وبكل قدراتي . الا اني لاانكر دور حزب البعث ، والرئيس البطل الخالد جمال عبد الناصر ، وهذا الانسان العظيم والمناضل الشرس عبد الحليم حافظ الذي كان يلتقط شعارات الثورة العربية ومفاهيمها واهدافها ، ليحولها الى اناشيد تتردد في حناجر الجماهير العربية من المحيط الى الخليج ، وعلى كل مستويات الاجيال ساهم هؤلاء العمالقة الثلاث بانضاج مفاهيم العزة والكرامة وتحويلها الى عقيدة وايمان . و لاانكر فضل التوجهات الشعوبية الحاقد على العرب والعروبة للحزب الشيوعي العراقي التي لاشك كان لها الدور في انضاج وعيي السياسي مبكرا من خلال البحث عن حل للتخلص من عدوانيتهم ، وشرورهم التي كانوا يواجهوني بها في الشارع انتقاما من ابي ، وانا طفل صغير ابن ال8 سنوات .
على ان الشيوعيين ساهموا ايضا في ان اتحدى الخوف ، ولا اجبن بمواجهتهم ، وكانوا كثيرا ما يحاصرونني في الشارع او المدرسة جماعات اكبر مني عمرا ، واضخم اجسادا ،فكنت مضطرا ان اهاجمهم ضاربا او مضروبا منتصرا او مهزوما ، المهم لم اهرب ولم امرر استفزازاتهم ، فتعلمت كيف يمكن ان استعمل الحذاء سلاحا ثم مع قسوة التجربة واستمرارها ، تعلمت الرمي بالمقلاع والحجر ، ثم الادوات الجارحة التي كانوا يهربون منها حالما الوح بها . واكتشفت منذ الصغر كيف يمكن ان يكون الهجوم وسيلة للدفاع .
ولا انسى فضل مجلة العربي الكويتية ، التي عمل لي والدي فيه اشتركا شهريا ، وما زلت في الصف الرابع الابتدائي ، في انها عرفتني على الوطن العربي ، في باب خاص في كل عدد تحت عنوان اعرف وطنك العربي . وعرفت لاول مرة عن المغرب العربي الكثير من المعلومات من خلال الاستطلاع الخاص عن زلزال اغادير في 1960 او 1961 ، كما تعرفت على الحياة في جوبا السودان وفي امارة الشارقة من خلالها ، وغيرها من البلاد العربية .
طبعا لاانسى فضل الكاتب المصري سلامة موسى الذي علمني الكثير من الجوانب الاخرى في الحياة ، كيف علي ان اطور شخصيتي ، واشكل افكاري واستقل بها عن بيئتي العائلية ، وكيف ان الحياة موقف ، وان لااخاف في طرح قناعاتي.
ولدت في قضاء الخضر التابع لمحافظة المثنى الان ، من عائلة تنحدر من مدينة الناصرية ، حيث اجدادي لابي وامي وكل اقربائي يتمركزون على امتداد نهر الغراف من الناصرية حتى الرفاعي ، ويعرفون بالسادة " اخوة سمية " كفخذ من السادة ال ياسر . ولم ينتقل منها للخضر غير واحد من اعمام والدي وتبعه ابي . لذلك عندما انهيت دراستي الابتدائية قرر والدي ان يعيدني الى مدينتنا الاصلية الناصرية ليخلصني من عذابات الشيوعيين وعدوانيتهم ، واوصاني وهو ابن المدينة المعروف بتصديه القوي للشيوعية فيها ، ان لااستعمل اسمه ، بل اللقب فقط ، وان انكر معرفتي به وادعي انه تشابه اسماء ، وانا مازلت بين 11-12 سنة لكي لااتعرض لما تعرضت له في الخضر، في الاسبوع الثاني من دوامي في ثانوية الناصرية ، جائني الطالب راجي موسى الحصونة وهو من الطلاب الكبار في الصف الثالث ( التاسع ) ، ليثير دهشتي قائلا ارسلني اليك حزب البعث العربي الاشتراكي بعد ان عرف من ابوك ، ليدعوك للانتماء لصفوفه . وحزب البعث كان غنيا عن التعريف لكني لم اكن افهم معنى الانتماء فسالته ماذا يعني ان انتمي للحزب ، اجابني بجملة بسيطة جدا معبرة ومقنعة لمن عانى من الشيوعيين وهو في عمري ، قال : يعني بدلا من ان نترك الشيوعيين يضربونا واحدا واحد ويعتدون علينا نتجمع نحن ونتعاون لنضربهم وندافع عن انفسنا . كانت هذه الجملة كافية لان اقول له اقبل الانتماء .كان ذلك بداية السنة الدراسية 1961-1962 ، رغم صغر سني ، لكن بحكم الرغبة في القراءة التي زرعها الوالد في ، تطورت سريعا بالحزب وصرت من البعثيين المعروفين في الثانوية ، امارس بانضباط كل النشاطات المفروضة علي ، من تثقيف واجتماعات ، وحتى مصادمات مع الشيوعيين . يبدو ان ذلك اهلني لان اكون مسؤول لجنة الحرس القومي في متوسطة الناصرية بعد حركة 8 شباط ووصول البعثيين الى الحكم ، واللجنة تتكون من خمسة اخرين اتذكر منهم الاخوان سعود عبد العزيز ، هلال صيهود ، جاسم جايد ، وغازي عبد الرزاق ، كانوا كلهم اكبر مني سنا بمعدل 3-5 سنوات ، لذلك وجدت ان من المخجل ان ابقى في الشعبة آ " شعبة الطلاب صغار السن وان انتقل الى الشعبة " ج " .
لكني كنت قد تعرفت في منتصف 1962 الى مجموعة اخرى بعثية منشقة تعمل تحت اسم القيادة الثورية لحزب البعث ، كان قد شكلها عضوا القيادة القومية المتحولان للناصرية ( من عبد الناصر) المرحومان فؤاد الركابي ، وعبد الله الريماوي . وكانت انتقادات هؤلاء للحزب الام انه غير جدي في التزاماته بالوحدة .كان فشل محادثات الوحدة في ابريل – نيسان ،وعودة وفدي الحزب السوري والعراق بدون الاتفاق على اي خطوة وحدوية ، صدمة كبيرة للشارع العربي ، الامر الذي قررت معه ان اترك الحزب والتحق بجماعة القيادة الثورية الا ان مسؤولي محمد حسن شيخ حسين ، ومعاذ عبد الرحيم ، مسؤول التنظيم في مدينة الناصرية ، اقترحا علي ان ابقى في صفوف الحرس القومي كي نستفيد من الموقع بامور عدة . بعد شهر او اقل من ارتباطي الرسمي وصل للمدينة بيان من القيادة الثورية ينتقد الحزب في فشله في الاتفاق على تحقيق الوحدة مع الجمهورية العربية المتحدة فطلب مسؤولي ان ارافقه وصبيح عبد العال في الليل كحماية لهما للصق بعض نسخ المنشور في سوق المدينة من طرف منطقة السيف ، ففعلت ، لكني اخذت معي عددا من النسخ الذي تبقت لاوزعها في المدرسة في اليوم التالي ، في خطوة تحدي جريئة ، فكان فصلي من حزب البعث كما بلغني بذلك مسؤولي عبد الامير هاشم ، لأبدأ من حينها اشارك في نشاطات مجموعة القيادة الثورية بشكل علني ، وكان البعثيين يشنون علينا حملة اعلامية ويطلقون علينا مصطلح الذيلين ، على اساس تبعيتنا لعبد الناصر .
ومنذ ذلك الحين ولحد الان افخر باني كنت تلميذا في مدرسة المرحوم الشهيد فؤاد الركابي ، ملتزما بالمنهج السياسي الناصري ، متابعا لمسيرة المرحوم فؤاد حتى بعد ان غير اسم التنظيم الى حركة الوحدويين الاشتراكيين ، ثم اندماجنا مع مجموعات قومية اخرى تحت اسم الحركة الاشتراكية العربية حتى عندما انتميت للمقاومة الفلسطينية ، كنت تحت تاثير قناعاتي القومية الناصرية وافخر اني تمكنت من التاثير بتوجهات قيادة التنظيم لتتبنى الفكر الناصري . طبعا لااستطيع ان اتجاوز ابدا اثر استاذي وصديقي العزيز عبد الله الركابي على تصحيح افكاري او مساراتي التي قد لاتكون بمستوى النضج الذي تتطلبه مراحل الثورة العربية . فهو كثيرا ما لايبخل علي بنقد موقف او تصور وتصحيحه .
بعد المرحلة البعثية الثانية في 1968 ، وحل الحركة الاشتراكية العربية ، ومبادرة المرحوم فؤاد لبناء حزب جديد باسم الحزب الاشتراكي العربي الموحد ، في اواسط 1970 ، ومن داخل السجن ، افتخر اني كنت من اعضاء الحزب النشطين ، وكنت قد تخرجت من الكلية العسكرية حديثا ، شابا بعمر العشرين ، وتم ترشيحي كعضو قيادة ظل بموافقة المرحوم فؤاد ، وباقتراح من نائبه فالح راضي ،مسؤول التنظيم الفعلي بسبب سجن الاستاذ فؤاد . تمكنت قوى الامن العراقي من كشف اثنين من اعضاء التنظيم في ايلول 1971 فتوقعنا ان ياتي دورنا وكان اقتراح الاخ فالح ان اترك العراق واللجوء الى سوريا بحكم كوني عسكري ما يعني اعدامي بكل تاكيد . وفعلا اصدرت المحكمة العسكرية الخامسة حكما بالاعدام على اساس اعتبار غيابي هروبا من ساحة حركات . واحال الامن اوراقي الى محكمة امن الثورة ، لتصدر علي حكما غيابيا بالاعدام على اساس التامر ضد الحزب والثورة . ثم شملني عفو مجلس قيادة الثورة الذي صدر بعد ما يعرف بمؤامرة ناظم كزار . عدت للعراق لانسب لوظيفة مدنية ، وتم قبولي بالجامعة المستنصرية بقسم االارشاد التربوي والنفسي . تخرجت الاول على دفعتي في العام الدراسي 1977-1978 . الا ان النقيب طعمة السامرائي مدير الشعبة الثانية في الامن العام ، رتب لي انقلاب وهمي جديد لم اكن اعرف عنه شيئا ، وكنت على بعد خطوات من الاعدام لولا تدخل الاخوة الفلسطينيين عند المرحوم النائب في وقتها صدام حسين ليامر بتكليف برزان التكريتي للتحقيق بالموضوع ثم اطلاق سراحي في اليوم التالي ، وخلص طعمة السامرائي نفسه بالقاء اللوم على المخبر الذي كان قد كلفه بمتابعتي .سمعت الان ان طعمة هذا ومنذ الايام الاولى للاحتلال يهرول بين مقرات احزاب الخيانة والعمالة حاملا شنطته عارضا فيها اضابير رفاقه البعثيين كوثائق ثمينة للبيع ، ولعل عندما يقرأ لي الان سيتهمني ايضا بخيانة الديمقراطية والشفافية في العراق الجديد . يذكرني هذا بموقف السيدين النقيب ( الفريق الان ) وفيق السامرائي ، والملازم الاول ( اللواء الان ) سعد خضير الذين اتعبا عقلي وهما يسردان علي انجازات الحزب والثورة ، وعظمة وعبقرية قيادة الحزب ، وهما يحققان معي عندما كنت موقوفا في الاستخبارات العسكرية في نهاية 1974 . الضباط الثلاثة للاسف يقفون الان مع الاحتلال متنكرين لتاريخهم ، اتعبوا رؤوسنا في الحديث عن مساوئ الحزب وقيادته .ونقف نحن ناصري العراق الا في صف القوى المناهضة للاحتلال ، خندق واحد مع حزب البعث . تلك جريرة حزب البعث استحلى النفاق والانتهازية ، وحار ب الكثير من المناضلين الذين كانوا يمكن ان يلتقوا معه على الكثير من الاهداف . فمجموعات الضباط هؤلاء كانوا محكومين بالتطلع للترقية الوظيفية والرتبة الاعلى ، ومضطرين لان يخلقوا متامرين واعداء وهميين ليثبتوا للقيادة اخلاصهم .
اخبرني الاخوة الفلسطينيين اني مستهدف من قبل قوى الامن وانهم اذا انقذوني في هذه المرة لكنهم لايضمنون سلامتي في مرات قادمة ، لايستبعد ان تتم تصفيتي بحادث سيارة او اي طريقة اخرى . فكان ان ساعدوني بترتيب بعض من اوراقي وتزوير اخرى لاغادر البلد الى فرنسا بغطاء الدراسة ثم الى بريطانيا التي وصلتها في نهاية عام 1981 ، بعد قبولي في قسم علم النفس الاجتماعي في مدرسة لندن للعلوم الاقتصادية والسياسية ، وهي اشهر كليات جامعة لندن في العلوم السياسية والاقتصادية ، فيها تعلمت وادركت كيف انا نحن العرب نتعامل بالسياسة من خلال عاطفتي الحب والكرة دون ان نعطي المصلحة القومية ، والامن القومي اي اهتمام ، لذلك قررت ان اتحول لدراسة السياسة في مرحلة الدكتوراة ، ولكي اتقرب اكثر كتبت البحث المطلوب لنيل درجة الدبلوم الاختصاص او العالي ، بموضوع اقرب الى علم النفس السياسي ، باحثا عن الاسباب السايكولوجية لظهور حركات التاسلم السياسي. وانتشار الفكر الديني . عادلت جامعة سالفورد في مانشستر ، الدبلوم بالماجستير وتم قبولي في وحدة الدراسات الدولية التابعة لقسم التاريخ المعاصر . ولاكتشف ما اذا كنت انا ايضا محكوم بعاطفة الحب والكره في السياسة قررت دراسة التجربة القومية مع التركيز على الحركة الناصرية للفترة من 1952 تاريخ الثورة المصرية الى 1961 تاريخ اعلان الانفصال السوري عن الجمهورية العربية المتحدة ، واثر الحركة القومية العربية وتاثرها بالعلاقات الدولية السائدة في ذلك الوقت .
لم اتوقف خلال كل ذلك الوقت عن العمل السري مع احد الفصائل المنشقة من فتح والمعروفة بالمجلس الثوري ، وبكل فخر كنت واحد من ثلاثة عراقيين وصلوا لدرجات تنظيمية قيادية ، كنت في فتح ، عضو اللجنة القيادية ثم مع توسع التنظيم عضو المجلس الثوري ، والمرحوم باسل الكبيسي ، والاستاذ قيس السامرائي في الجبهة الشعبية والديمقراطية . ان يصل عراقيا في تنظيم فلسطيني لصفوف القيادة لابد ان يكون حالة مميزة ، ومناضل عنيد وقوي .
استقلت من المجلس الثوري في منتصف حزيران 1985 ، وبعد سنة في شهر سبتمبر 1986 ، القت السلطات البريطانية القبض على شخص كان مكلف باغتيالي ، ومنه اكتشفوا دوري ، فتم توقيفي ثم تسفيري الى سوريا ، وكان مقررا لي ان اناقش بحث الدكتوراة في 2/10 / 1986 ، فلم تتهيا لي الفرصة رغم ان البحث كان مطبوعا وجاهزا ، ولولا الاستاذ المشرف البروفسور كولن كوردن رئيس الوحدة كان يمكن ان يضيع جهدي الا ان الرجل ظل يطلب من السلطات البريطانية السماح لي بالعودة ولو لثلاث ايام بقدر مايسمح الوقت بالمناقشة ، الا ان طلبه كان يواجه بالرفض ، حتى تمكن بعد سنتين من الاخذ والرد ان يحصل على موافقة على مناقشتي في احد قاعات مطار هيثرو دون السماح لي بالدخول الى المدينة .
كما هو داب المخابرات العربية التي لاتعرف شئ عن الاعداء الحقيقين ، فتختلق تنظيمات وهمية لتتهم بها الابرياء ، وتراقب المناضلين وكانها مكلفة باحباط اي توجهات ثورية عربية . استغرب اللواء حسن خليل مدير المخابرات العسكرية السورية اني كنت الوحيد من بين العراقيين الذي امتنع من التردد اليه او التقرب منه او دفع وارسال الرشاوي له هدايا او مبالغ نقدية كما يفعل غالبية الوجوه المعروفة من العراقيين المقيمين في سوريا في حينها لمجرد التخلص من شره ، فاعتبر ان عدم تهيبي وخوفي من شره بمثابة الخيانة لاهداف الثورة العربية ، فكلف احد العراقيين ممن كنت رايتهم بعيني يعمل في شعبة مكافحة التجسس في المخابرات العراقية كجلاد برتبة عريف ، عندما تم توقيفي هناك ، ويبدو انه تخوف من ان اكشف امره فكتب تقريرا بالطريقة التي وجهه بها حسن خليل ، لاتهامي هذه المرة بشبهة الارتباط بالمخابرات العراقية ، ولاعطاء الامر جدية واهمية تم توقيف خمسة اشخاص معي اثنان منهم ، لم يسبق لي ان عرفتهم او رايتهم بحياتي . وكالعادة تعرضت لتعذيب قاسي لاني كنت ارفض اتهام نفسي ، وترتيب قصة وهمية عن نفسي لارضي تطلعهم باتهامي . بعد توقيف 11 شهركل في زنزانة منفردة ، تم اطلاق سرحنا . بشرط التعهد ان لا احاول الشكوى عند الرئيس حافظ الاسد عليهم .
لم يبقى امامي من سبيل غير العودة لبريطانيا طالبا اللجوء السياسي باعتبار انهم يعرفون عني كل تاريخي وان ادواري بالمقاومة كانت ثقافية فكرية وعلاقات مع القوى الاخرى مع كسب الاعضاء الجدد واعددادهم ، دون ان اشارك باي عمل مسلح .وصلت الى مطار هيثرو يوم 30/12/ 1999.
الا اني وجدت امامي تهمة الارهاب هذه المرة ، وللامعان في التعذيب سمحوا لي بالدخول دون ان يقدموا لي لاموافقة ولا رفض ، لان السلطات المختصة تعرف ان الرفض يعطيني الحق باللجوء للقضاء . استمر الحال على ما هو عليه ، وعند مخاطبت المحامي لهم كان الجواب دائما ان حالتي قيد الدراسة وسيخبرونني عند الوصول الى قرار ، حتى شهر اذار 2009 ، وصلني قرار الرفض من 13 صفحة ، فكان علي الذهاب للمحكمة بجلستين كل واحدة استمرت اكثر من ستة ساعات ، ولم يتخذ القاضي قراره الا بعد دراسة وتمحيص ليعطيني في 8 / 10 / 2010 حق اللجوء السياسي ، الذي على اساسه استلمت وثيقة السفر البريطانية يوم 20/5/2011 ، لاشعر اني حرا لاول مرة ، بعد عذابات استمرت 11 عام .
اغرب ما في الامر ، وانا احتمل كل هذه العذابات طيلة هذه السنين زارني ، ولااعتقد ان زيارته عفوية بل مخططة احد المفلسين سياسيا واخلاقيا ، بعد ان وصلني قرار الرفض ، ليقول لي انه مستعد لمساعدتي من خلال معارفه في احد المخابرات الغربية لان يحصل لي على اقامة دائمة اذا كنت مستعدا للشهادة عن بعض رفاقي في المجلس الثوري ، شهادة زور في انهم كانوا مسؤولين او مشاركين في احد العمليات الارهابية في ذلك البلد في عام 1983 ، ولم يخجل حتى عندما اجبنه ان اترك الناس بحالها كل الامور اصبحت تاريخا ، قتل من قتل وعادللحياة العامة من نجى ، ولاتنسى ان هؤلاء الذين تركض ورائهم بعد اكثر من ربع قرن كانوا يوما مستعدين لان يضحوا بانفسهم ودمائهم دفاعا عنك . كان يجيبني بانهم ارادوا قتلك ، وانهم مجرمين .مع ان هذا المتهافت كان مسؤولا عن قتل 7 من الشباب العراقيين من اعضاء التنظيم بعد استقالتي من تنظيم فتح- المجلس الثوري ، بتهمة انهم متعاونين معي لشق التنظيم . وكان هو رئيس المحمكة التي اصدرت عليهم احكاما بالاعدام ، والمشرف على تنفيذ الحكم . وهو يتكلم الان بحقوق الانسان .
قلت له : هل تعتقد اني لااعرف ماذا تريد مني الاجهزة ، او اني لا استطيع الاتصال بها لارضائها واعطائها ماتريد ، بدل كل هذه العذابات لعشر سنين ، ولو كنت اريد ذلك هل تعتقد اني بحاجة لانتظار لتاتي اليوم وتدعوني الى ما رفضته كل هذه الفترة .
قال : انت يا اخي صاير لي حنبلي ، ولاتعرف كيف تعيش ، ماذا حصلت من عنادك هذا .
اجبته : هنيأ عليك ما اخترت من طريقة للعيش ، اما انا حصلت على رضى النفس ، والشعور بالانسجام بين ما اقوله وادعيه وما افعله . ثم طردته لاماسوفا عليه . سمعت انه يتحرك الان لتوريط الناس بادعاء انه يريد بناء تنظيم قومي ديمقراطي يؤمن بحقوق الانسان والشفافية ومواجهة المد والنفوذ الايراني في المنطقة العربية بالتعاون مع اسرائيل التزاما باالقول العربي عدو عدوي صديقي ، باعتبار ان هذا يعكس التزامه بالاخلاق والمثل العربية ..!؟
بعد الاحتلال ، اتشرف وافخر باني ساهمت مع الاخ المناضل عبد الجبار الكبيسي ، رئيس التحالف الوطني العراقي في تاسيس واحد من اوائل تنظيمات المقاومة العراقية ، تحت اسم الجبهة الوطنية لتحرير العراق . وعند سجن الاخ عبد الجبار ، اصر الاخوة في القيادة الميدانية للجبهة على تكريمي باعتباري الامين العام الجديد لكني رفضت وفاء للاخ عبد الجبار ، وكرمني الاخوة الابطال بوضع اسمي وصورتي في اعلى الصفحة الاولى من جريدة صوت الحق اول صحيفة للمقاومة العراقية ، تصدر داخل العراق ، وتحت عنوان رئيس التحرير . مع اني لم اقدم لهم شيئا يذكر غير عواطفي الصادقة ، والنصح والتوجيه .
لا امتلك وانا احتفل بعيد ميلادي ، وعودتي للحياة الطبيعية وحصولي على حقوقي الا ان اشكر كل من وقف جنبي من الاصدقاء وممن زودني برسالة ، للمحكمة لتدعيم ادعائي بالخطر الذي يتهددني الان في العراق :
1 : الشيخ الجليل الفاضل حارث الضاري ،رئيس هيئة علماء المسلمين
2 : الشيخ الجليل الفاضل جواد الخالصي ، رئيس المجلس الوطني التاسيسي العراقي
3 :حزب البعث العربي الاشتراكي – قيادة قطر العراق
4 :الاستاذ الفاضل جاسم الرصيف ، رئيس جمعية كتاب من اجل الحرية
5 :الدكتور الفاضل نوري المرادي ، الكادر ، الحزب الشيوعي العراقي،
6: الدكتور الفاضل صباح الشاهر ، مدير موقع ثوابتنا
7: الدكتور الفاضل عبد الستار الجميلي ، الامين العام للحزب الطليعي الاشتراكي الناصري،
8 : الاستاذ الفاضل فريد صبري ، الناطق الرسمي باسم الحزب الاسلامي العراقي
9 : الاستاذ الفاضل محمود حسين البشاري ، امين عام الجبهة العربية لتحير الاحواز
10 : الاستاذ الفاضل عادل السويدي ، مدير موقع عربستان
11: هيئة تحرير موقع القوة الثالثة
12 : كما اخص بالذكر الاخوة الافاضل في هيئة تحرير شبكة البصرة ، لمبادراتهم الدائمة في نشر كتاباتي حتى تلك التي تتعارض معهم ببعض التوجهات ، لذلك استفدت من صور مقالاتي كما هي منشورة في الموقع ، في المحكمة
طبعا لايمكن تجاوز دور محامي الاستاذ سكوت هاريز ( )، ودوره في متابعة قضيتي في دائرة الهجرة ،وقاعات محاكم ، كان فعلا مميزا في كل خطواته ، مخلصا لزبائنه . ولا انسى ايضا دور الاستاذ المحامي امجد السلفيتي ، الذي ظل لسنوات طويلة يتابع موضوعي متبرع ، مجانا ، يرفض استحصال حتى كلفة مصاريف المكتب ، رغم عرضي عليه مرات عديدة ، فجسد بكرم اخلاقه كل معاني الشخصية العربية والاداب والاخلاق العربية ،
بسبب تاييدي المطلق لكل المقاومات العربية ، واخص منها الفلسطينية والعراقية ، واصراري العنيد في مواجهة الاحتلال الاميركي – الصهيوني – الشعوبي للعراق ، وعزيمتي التي لاتقهر انشاء الله في التصدي للشعوبيين الحاقدين على العرب والعروبة ومذهب وفقه ال البيت ، خاصة سقط المتاع ممن يسمون بال الحكيم وامثالهم ممن نصبهم الاحتلال موظفين بالسفارة الاميركية في بغداد بعناوين مزيفة رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ووزير ونائب وكبيرهم غير المعروف اصله ما اذا كان فعلا ايرانيا او اسرائيليا ، من صنعوه مرجعا ، وليس فيه من سمات المرجعية ، ولا حتى من سمات المسلم شئ .
هجرني و تباعد عني حتى اقرب اقربائي حتى بقيت وحيدا بلا اهل وكاني مقطوع من شجرة . قالوا عني مرتد . واستحسن احد اقربائي الامر ولعله كان ينتظر المكافاة فاتهمني بالتجسس لكل المخابرات في العالم ، اضداد لايجمع بينها الاخيال مريض . وراح يجردني من كل سماتي الوطنية والمهنية على مواقع العمالة والمشبوهة ، والشعوبية .
وعندما ارى اليوم 23/5 /2011 ان حائطي على الفيس بوك تزينه 87 تهنئة بعيد ميلادي ، و11 رسالة خاصة ، وعشرات المكالمات التلفونية ، وثلاث دعوات لزيارة المانيا ، واثنان لهولندا ، وواحدة لسويسرا واخرى للنمسا ، وواحد من الدانمارك ،وواحدة من النروج ، بعد علم الاصدقاء الاعزاء اني حصلت على الاقامة ووثيقة السفر بعد انتظار ومعاناة 11 سنة ، وما انكسرت ، والا فمن السهل علي ان احصل عليها منذ الايام الاولى لوصولي لبريطانيا ، ولم تكن طرق الوصول بصعبة او خافية علي . .
.تمتد الابتسامة على وجهي بعرض الوطن من محيطه الى الخليج العربي ، وينبض قلبي فرحا ، واصرخ هؤلاء هم اهلي العرب ، من المغرب الى العراق ، يكسرون وحدتي ،ويقولون لاتحزن نحن اهلك واخوتك ، اولادك وبناتك . ابناء عمومتك واصدقاءك .
فشكرا لجميع من هنأ او اتصل تلفونيا او تبرع بدعوة زيارة . على اني لاامتلك الا ان اشكر كل شباب وشابات تونس ومصر واليمن الذين اعادوا الدم لعروقنا التي تيبست من القهر والذل والقمع والمهانة ، انهم يزرعون الورد والحب ويجددون الايمان والعزيمة في قلوبنا التي تفطرت حسرة على ما الت اليه حالة هذه الامة ، ويعيدون لنا شبابنا نردد اغاني البطل عبد الحليم عن الوحدة وفلسطين وعبد الناصر. وشكر لشعلة النور محمد البو عزيزي التي الهبت هشيم القمع والدكتاتوريات ، احترقت كاحلى شمعة في التاريخ العربي الحديث لتضئ الدرب للشباب العربي المفعم بالثورة ورفض الذل والمهانة .
كنت اتمنى لو ان شهداء الجبهة الوطنية لتحرير العراق ، وكل شهداء المقاومة العراقية يشهدوا معنا اليوم كيف تنتفض جماهير العرب في كل مكان لتنفض عنها غبار القهر والمذلة . اكرر شكري واعتذر عن ذكر الاسماء لطول القائمة |