صنعاءنيوز / عمر دغوغي -
بقلم: عمر دغوغي الإدريسي مدير مكتب صنعاء نيوز بالمملكة المغربية
[email protected] https://web.facebook.com/omar.dghoughi.idrissi
من الممكن أن يختلط مفهوم الخجل والحياء عند عدد كبير من الناس؛ حيث يظنّ البعض أنّهما يحملان المعنى نفسه، إلا أنّ الفرق بينهما يكمُن في أنّ الخجل خُلقٌ مذمومٌ، يجعل الإنسان يشعر بالنّقص أمام الآخرين، ممّا يمنعه من الدفاع عن نفسه أو طلب حقّه؛ وذلك لأنّه يشعر بأنّ الآخرين أفضل منه، إلا أنّ الحياء عكس ذلك تماماً؛ حيث إنّه من الفضائل التي ربّى السّلف الصّالح أبناءَهم عليها، وهو الخُلق الذي يساعد الإنسان على ردع نفسه عن القيام بأيّ أمر قبيح، ويجعل الإنسان يترفّع عن القيام بأيّ معصية.
الحياء خُلُق رفيع يساعد على التمنع عن كلّ فعل قبيح والتقصير في حقّ الآخرين، والحياء إحدى صفات الأنبياء وعباد الله الصالحين؛ حيث قال أبو سعيدٍ الخدري عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه: (كان أشدَّ حياءً من العذراءِ في خِدرِها، وكان إذا كرِه شيئاً عُرِف في وجهِه).
وقد ذُكِرت تلك الصِّفة في القرآن الكريم وفي السنة النبويّة الشريفة، مثبِتةً علوّ شأنها ومكانتها في ديننا الحنيف، في رواية عن أبي هريرة رضي الله عنه -عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (الإيمانُ بضعٌ وستّون أو بِضعٌ وسبعون شعبةً؛ أفضلُها لا إله إلا اللهُ، وأدناها إماطةُ الأذى عن الطريقِ، والحياءُ شُعبةٌ من الإيمانِ.
يُعدّ الحياء من أهمّ وأعظم الأخلاق التي تفتح جميع أبواب الخير للإنسان، وتكمن أهميّته في العديد من الأمور، من أهمّها:
الحياء صفة من صفات الله عز وجل، وقد ورد ذلك في قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم: (إنَّ ربَّكم حَيِيٌّ كريمٌ، يستَحي مِن عبدِهِ إذا رفعَ يدَيهِ إليهِ بدعوَةٍ أن يرُدَّهُما صِفراً، ليسَ فيهما شيءٌ).
يُحفّز الحياء المسلم للوصول إلى باقي شُعَب الإيمان، كما يساعده على التحلّي بأفضل الأخلاق، بالإضافة إلى التعمُّق في الطاعات. الحياء صفةٌ من صفات الملائكة، وثبت ذلك في الحديث الشريف عن عائشة رضي الله عنها حيث قالت: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (ألا أَستَحي من رجلٍ تستَحي منه الملائكةُ؟ (يعني عثمانَ).
الحياء أحد الأمور التي يحبّها الله في عبده، ومن أحبّه الله -عزّ وجلّ- سخّر له السعادة في الدنيا والآخرة. الحياء أحد مفاتيح الجنة، وقد ثَبت ذلك في الحديث الشريف قول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (الحياءُ من الإيمانِ، والإيمانُ في الجنَّةِ، والبذاءُ من الجفاءِ، والجفاءُ في النَّارِ).
الحياء زينة للإنسان، وقد ثَبت ذلك في الحديث الشريف عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (ما كانَ الفحشُ في شيءٍ إلَّا شانَه، وما كانَ الحياءُ في شيءٍ إلَّا زانَه.
الحياء بالفِطرة: هو الحياء الذي يظهر بشكل فطريّ منذ ولادة الإنسان، ويكون العبد في هذه الحالة مفطوراً على التمنّع عن ارتكاب أيّ خُلق قبيح.
الحياء المُكتَسَب: هو الحياء الذي يتمّ اكتسابه عن طريق التعمق في الدين والتقرب من الله عزّ وجلّ، ويصل الشخص الذي يحاول اكتساب هذا النوع من الحياء إلى أعلى درجات الإيمان بالله عزّ وجلّ.
الخجل هو إحدى الصفات المذمومة التي توقِع الإنسان في الخطأ، ممّا يتسبّب في تقصيره بواجباته، كما يمنع الإنسان من الوصول إلى أيّ نفع في دينه أو دنياه، وفي الغالب فإنّ صاحب هذه الصفة يُجبَل عليها منذ صِغره، ويُعدّ سوء التربية من الأسباب الرئيسة للخجل.
أعراض نفسيّة: تتمثّل هذه الأعراض بعدد من المشاعر الداخليّة التي لا تظهر للعيان، وهي كالآتي: الشعور بالدونيّة.
الشعور المتزايد بعدم الأمان. الشعور بالإحراج، وإن لم يكن هناك سبب لذلك.
أعراض سلوكية: تتمثل هذه الأعراض في عدد من السلوكيات التي يلجأ إليها الشخص الخجول، وهي كالآتي: الانطوائيّة، وعدم الرّغبة في الاختلاط مع الآخرين.
الشعور بالحرج الشديد عند حضور المناسبات الاجتماعيّة على مختلف أنواعها. عدم التواصل البصريّ مع الآخرين؛ خصوصاً إن كان شخصٌ ما يُحادثه.
الامتناع عن الدخول في الأعمال التطوعيّة؛ وذلك لعدم الرغبة في التواصل مع الآخرين.
أعراض جسدية: هناك عدّة أعراض جسدية تظهر على الشخص الخجول، وهي كالآتي: التعرُّق الزائد؛ وتظهر هذه الحالة بسبب التوتر الشديد.
الشعور بألم في المعدة.
الارتعاش بشكل لا إراديّ.
الشعور بالعطش مع جفاف الفم.
زيادة في نبضات القلب.
يُعدّ التخلص من الخجل من الأمور الصعبة؛ وذلك لأنّه يحتاج إلى تغيير الإنسان تغييراً جذرياً تامّاً، وفي هذه الحالة يجب أن يعيد الإنسان الخجول نظرته لنفسه ولمن حوله، وهنا سلوكيّات يجب أن يتّبعها الإنسان للتخلُّص من الخجل، وهي كالآتي:
المشاركة في النشاطات التفاعلية، وخصوصاً النشاطات التي تشجع على المحادثة والتعاون مع الآخرين.
التعبير عن النفس دون خوف، بالإضافة إلى التعبير عن النفس دون حواجز.
تحفيز الذات من خلال التحدث الإيجابيّ مع النفس، ممّا يساعد على تعزيز الثقة بالنفس.
الاسترخاء النفسي والعضلي قبل حضور أيّ مناسبة اجتماعيّة، ممّا يساعد على التخلص من الخجل.