صنعاءنيوز / -
بقلم: عمر دغوغي الإدريسي مدير مكتب صنعاء نيوز بالمملكة المغربية
[email protected] https://web.facebook.com/omar.dghoughi.idrissi
النظام الذي يهتم بتحقيق العدالة للجميع وتعزيز الأمانة هو نظام العدالة الاجتماعية، والعدالة الاجتماعية هي عبارة عن نظرية سياسية وفلسفية تركز بشكل كبير على مفهوم العدالة في العلاقات بين الأفراد في المجتمع والمساواة بينهم وذلك بهدف الوصول إلى المساواة في الثروة والفرص والامتيازات الاجتماعية.
ظهر المفهوم بشكله الحالي لأول مرة في القرن التاسع عشر مستمدًّا من اللاهوت المسيحي وكان ذلك في خلال الثورة الصناعية حيث كانت هناك الكثير مت المحاولات لتعزيز المجتمعات وبناء مجتمعات تقوم على نظام المساواة وتقليل استغلال الطبقات الأكثر غنًا للطبقات المهمشة والفقيرة بسبب التفاوت الشاسع الذي كان ظاهرًا بشكل واضح بين الفقراء والأغنياء في هذه الفترة المختلفة.
قام نظام العدالة الاجتماعية في البداية على التركيز على القضايا الاجتماعية والاقتصادية مثل قضايا توزيع رأس المال والممتلكات والثروة بسبب عدة المساواة والمشكلات الاقتصادية التي كانت سائدة في هذا الوقت والتي نتجت بشكل ما في أوروبا بسبب النظام الطبقي.
تشير العدالة الاجتماعية بشكل واسع إلى التقسيم العادل والمنصف للموارد والفرص والامتيازات في المجتمع، حيث أن هذا المصطلح في الأصل هو مفهوم ديني، سواء تم استمداده من اللاهوت المسيحي أو الدين الإسلامي، واستمر استخدام مفهوم العدالة الاجتماعية من القرن التاسع عشر إلى الآن حتى أصبح مفهومًا اكثر مرونة.
نظام العدالة الاجتماعية هو النظام الذي تقوم عليه المؤسسات الاجتماعية الآن والتي توفر الوصول إلى الفوائد الاقتصادية ويقصد بها أحيانًا في الجانب الاقتصادي، عدالة التوزيع، والعدالة الاجتماعية مصطلح واسع، حيث هناك العديد من المحاولات والاختلافات في كيفية تطبيق المدافعين عن المصطلح.
التحليل الأبرز لتحقيقه هو تحقيق العدالة الاجتماعية لسد الفجوة التي أحدثتها الثورات العرقية، أو في نطاق توضيح الوصول غير العادل إلى الرعاية الصحي، وكان أول استخدام لمفهوم العدالة الاجتماعية كانت نظرية لويجي تاباريلي ، وكانت هذه النظرية تشير إلى تطبيق العدالة الاجتماعية على الشؤون الاجتماعية ورأت أن على الناس أن يفعلوا الصواب بناءً على التصور الطبيعي والديني للأخلاق في المجتمع.
في أيامنا الحالية تحولت العدالة الاجتماعية وركزت بشكل قوي على حقوق الإنسان وتحسين حياة الأفراد والفئات المحرومة والمهمشة والتي واجهت تاريخًا في التهميش من المجتمع، حيث تعرضت الكثير من هذه الفئات إلى التهميش على أساس عوامل كثيرة منها الجنس والثروة واللون والعمر والعرق والتراث وكذلك الوضع الاجتماعي والدين مما جعلهم منبوذين.
تركز العدالة الاجتماعية جهودها على إعادة توزيع الثروة على بعض الفئات المحرومة من خلال توفير الدخل والوظائف ودعم التعليم والفرص، وهناك الكثير من النشطاء والمدافعين بشكل كبير على التركيز على تطبيق العدالة الاجتماعية على نطاق واسع اليوم ولكن غالبًا ما يترك التنفيذ الفعلي لسياسات العدالة الاجتماعية للمسؤولين.
تقوم الحكومات والمنظمات غير الربحية والمؤسسات والوكالات بهذا الدور أفضل من الأشخاص وحدهم، حيث حملوا على عاتقهم هذا الدور، وتقوم هذه المؤسسات والمنظمات على تشكيل السياسات العامة لمعالجة كل القضايا المتعلقة بالعدالة الاجتماعية، ولذلك تؤثر العوامل السياسية تأثيرًا كبيرًا على المدى الذي تلعب فيه العدالة الاجتماعية دورًا في السياسات التي تقوم الحكومات والمنظمات بصياغتها اليوم.
يمكن ملاحظة دور الحكومات في تطبيق العدالة الاجتماعية من خلال مبادرات العدالة الاجتماعية التي تقوم بها أنواع الحكومات المختلفة، مثل إعادة توزيع الثروة والدخل، والإعانات الحكومية والوضع القانوني للتوظيف وكذلك عمليات التطهير التاريخية وذلك على يد المبادرات الاشتراكية والشيوعية والتي تعتبر أشهر المبادرات في هذا الباب.
حتى يتم تطبيق العدالة الاجتماعية بشكل صحيح، لا بد من الالتفات إلى مجموعة من العوامل الأساسية التي تقوم عليها العدالة الاجتماعية، وبدونهم لا تتحقق هذه العدالة بين المجتمع أو بين الأفراد وعلى المستوى الصغير أو الكبير وهذه الأساسيات تسمى مبادئ العدالة الاجتماعية وهذه المبادئ هي:
الوصول إلى الموارد: إن أساس العدالة الاجتماعية أصلًا هو الوصول إلى المساواة بين الأفراد في المجتمع، لذلك كان من أهم مبادئ تحقيق العدالة الاجتماعية هو الوصول إلى المبادئ حيث يشير إلى المدى الذي تحصل فيه المجموعات الاجتماعية والاقتصادية المختلفة على مقدار متساوٍ من المنح، لذلك تقدم العديد من المجتمعات العديد من الموارد والخدمات لمواطنيها مثل الرعاية الصحية والغذاء والمأوى والتعليم والفرص الترفيهية ولكن غالبًا ما تحصل بعض الأشياء التي تجعل الحصول على هذه الخدمات غير متكافئًا.
من الأمثلة الواضحة الجلية، هو مثال الأسر الثرية حيث تكون هذه الأسر أكثر قدرة على تحمل تكاليف الالتحاق بمدارس جيدة والوصول إلى التعليم الجيد، وهذا يؤدي إلى فرصة أكبر للحصول على وظائف ذات دخل أعلى في المستقبل، وفي المقابل لا يستطيع الأفراد في الطبقات الفقيرة الحصول على تعليم جيد يضمن لهم حياة كريمة فيما بعد.
حقوق الملكية: حقوق الملكية هذه تضمن للأفراد بعض الأشياء الخاصة، وهذا من الإنصاف حيث يشير هذا المصطلح إلى كيفية إعطاء الأفراد أدوات خاصة باحتياجاتهم وحالتهم الاجتماعية والاقتصادية من أجل التحرك نحو نتائج مماثلة، ويمكن أن تلاحظ أنه يتناقض مع مبدأ المساواة حيث يُعرض على الجميع نفس الأدوات للتحرك نحو نفس النتيجة، وبسبب هذا الأمر غالبًا ما تكون الأشياء المتساوية غير عادلة وذلك بسبب الاحتياجات الأكثر تقدمًا للبعض من الأفراد والجماعات.
المشاركة: المشاركة من المبادئ المهمة في مبدأ العدالة الاجتماعية، ومما يدل على أن العدالة الاجتماعية مصطلحًا دينيًّا أن الإسلام هو أول من طبق مبدأ الشورى، كمبدأ مهم في تأسيس الدولة، ويشير مبدأ المشاركة إلى كيفية إعطاء كل فرد في المجتمع صوتًا وفرصة للتعبير عن آرائهم واهتماماتهم ولعب دور مهم في أي عملية صنع قرار قد تؤثر على مستوى المعيشة، حيث يحدث الظلم الاجتماعي عندما تتخذ مجموعة صغيرة من الأفراد قرارات هامة في مصير الحياة لمجموعة كبيرة من الأفراد بينما لا يستطيع الناس التعبير عن آرائهم.
التنوع: يظهر التنوع في مجتمعنا والكثير من المجتمعات الأخرى بشكل فج، ويعد فهم هذا التنوع وتقدير قيمة التفاوت والتباين بين المجتمعات والفئات والخلفيات الثقافية لهم أمرًا مهمًا، وخاصة للمهتمين بتحقيق العدالة الاجتماعية وهم صانعي السياسات حيث يكونون أكثر قدرة على بناء سياسات تأخذ في الاعتبار الاختلافات الموجودة بين المجموعات المجتمعية المختلفة، ومن النهم أن ندرك أيضًا أن هناك بعض الفئات تواجه المزيد من الحواجز في المجتمع، وهم الفئات المهمشة لذلك سيكون على المهتمين بتحقيق العدالة الاجتماعية توسيع الفرص لهذه الفئات المهمشة والمحرومة، فلا يكون التوظيف على أساس التفرقة من خلال عوامل مثل العرق والجنس والعمر رغم أنها قضايا ثابتة في المجتمع إلا أن التغلب عليها أمر مهم.
حقوق الإنسان: تطبق كل الأشياء والنظريات من أجل أن يعيش الإنسان حياة كريمة يحصل فيها على ما يحتاج والعدالة الاجتماعية أولهم، لذلك حقوق الإنسان من أهم المبادئ والتي تشكل المفهوم بشكل واضح، وحقوق الإنسان أساسية للمجتمعات التي تحترم الحقوق المدنية والاقتصادية والسياسية والثقافية، لذلك يجب الاهتمام بها بشدة.