صنعاءنيوز / -
صرح والد القنبلة النووية الأمريكية روبرت أوبنهايمر متحدثا عن اختبار أول جحيم نووي، بأنه تذكر عبارة وردت في كتاب الهندوسية المقدس تقول: "أنا الموت المدمر العظيم للعوالم"!
اللافت أن هذا العالم والفيزيائي الأمريكي الذي قاد "مشروع مانهاتن" أوبنهايمر، كان يخضع باستمرار للمراقبة من قبل مكتب التحقيقات الفيدرالي بسبب تعاطفه الشديد مع الحركة اليسارية. ومع ذلك قام أوبنهايمر بدور هام في تمكين الولايات المتحدة من هذا السلاح الفتاك.
أوبنهايمر استذكر التجربة النووية الأولى في التاريخ التي نفذت في 16 يوليو عام 1945 بقوله أيضا: "كنا نعلم أن العالم لن يكون هو نفسه. كان عدد قليل من الأشخاص يضحكون، وكان هناك عدد قليل من الأشخاص يبكون. كانت الأغلبية صامتة".
التخطيط في مشروع "مانهاتن" النووي الأمريكي كان بدأ في ربيع عام 1944، إلا أن القائمين على المشروع لم يكونوا واثقين من نتائج التفجير النووي الأول وحامت شكوك حول صحة تصميم القنبلة النووية قبيل صناعة قنبلة قتالية من هذا النوع في خضم الحرب العالمية الثانية.
قبل ذلك في عام 1939، بعث العالم الفيزيائي الشهير ألبرت أينشتاين رسالة إلى الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت، ساق فيها المبررات عن الحاجة إلى تجارب واسعة النطاق لدراسة إمكانية صنع قنبلة ذرية.
العلماء الذين أشرفوا على التفجير الأول، وضعوا في اعتبارهم إمكانية فشل القنبلة أو وقوع انفجار من دون انطلاق التفاعل النووي المتسلسل أو أن يكون الانفجار بقوة ضعيفة.
في تلك الأجواء المشحونة بالغموض والخطر الشديد، تحدث في الليلة التي سبقت التجربة النووية الأولى، إنريكو فيرمي، وهو أحد الفيزيائيين العاملين في مشروع مانهاتن عن احتمال أن تحرق القنبلة النووية الغلاف الجوي للأرض، وتتسبب في نهاية العالم.
تحت الاسم الرمزي "الثالوث"، أجرت الولايات المتحدة في 16 يوليو 1945 التجربة النووية الأولى، وفجرت قنبلتها الأولى في موقع اختبار "ألاموغوردو" في نيو مكسيكو، ولحسن الحظ لم يحترق غلاف الأرض الجوي، لكن ظهر في العالم خطر يهدد الحياة بالفناء في كل يوم.
تقرر وقتها تجربة القنبلة النووية الأولى في موقع تجارب يقع على بعد حوالي 100 كيلومتر من منطقة "ألاموغوردو" بولاية نيو مكسيكو، لأنها ذات كثافة سكانية منخفضة، وكان أحد الشروط أن تكون خالية من السكان الأصليين الهنود الحمر، وذلك على خلفية العلاقات المعقدة والمتوترة في ذلك الحين بين قيادة مشروع مانهاتن اصنع القنبلة النووية الأمريكية ومكتب شؤون الهنود الحمر.
تم تركيب القنبلة الذرية "ترينيتي" قبل يومين من الاختبار على برج فولاذي، على مسافات مختلفة توجد منها أجهزة قياس الزلازل والكاميرات والأجهزة التي تسجل مستويات الإشعاع والضغط.
وقع أول انفجار نووي في تاريخ البشرية في 16 يوليو 1945 في الساعة 5.30 بالتوقيت المحلي، وكانت قوة الانفجار 15-20 ألف طن من المتفجرات بما يعادل مادة تي إن تي. في الوقت نفسه، كان الضوء المنبعث من الانفجار مرئيا على مسافة 290 كم من المكب ، وانتشر الصوت على مسافة حوالي 160 كم.
ركبت تلك القنبلة النووية في تجربة "الثالوث" قبل يومين من الاختبار على برج فولاذي بطول 30 مترا، وركبت على مسافات مختلفة منها أجهزة لقياس الزلازل وكاميرات وأجهزة تسجل مستويات الإشعاع والضغط.
وقع الانفجار النووي الهائل الأول على الأرض في الساعة 05:30 صباحا بالتوقيت المحلي في 16 يوليو 1945، وكان بمثابة بوابة الدخول إلى العصر النووي، ولم يكن في إمكان العلماء في ذلك الوقت الجزم بشكل قاطع بما سيحدث وما قد يجر من مضاعفات على الأرض، وغلبت حماسة حصول الولايات المتحدة على سلاح فتاك، المخاوف من الفناء.
المشاركون في التجربة شاهدوا الوميض الساطع لانفجار القنبلة النووية الأولى، وتأكدوا من وحشية الانفجار الذي رمى بالحاوية العملاقة "جامبو" التي وضعت بها القنبلة، وكانت تزن 150 طنا بعيدا عن موقع التجربة، وكانوا سعداء بالطبع لنجاح التجربة!
سارعت الولايات المتحدة إلى تجربة القنبلة النووية تمهيدا لاستخدامها ضد اليابان، وكانت خططت في البداية لإسقاط 9 قنبال نووية قبيل غزو جزرها واحتلالها بنهاية سبتمبر 1945.
وهكذا القت الولايات المتحدة بقنبلتها الأولى على مدينة هيروشيما اليابانية في 6 أغسطس من ذلك العام. ظهرت في سماء المدينة قاذفتا قنابل أمريكيتان من طراز "بي – 29"، فدوت صفارات الإنذار، إلا أن السكان الذين شاهدوا الطائرتين اعتقدوا أن الغارة ليست كبيرة وربما تكون مجرد طلعة استطلاع.
حين وصلت الطائرتان الأمريكيتان إلى وسط المدينة، أسقطت إحداهما مظلة تتأرجح بجسم ثقيل وابتعدتا. في الساعة 08:15 صباحا دوى انفجار صم الآذان، وتحولت المدينة إلى ركام.
لجسن الحظ نجح الاحاد السوفيتي بعد أربع سنوات في اختبار قنبلته النووية الأولى في 19 أغسطس عام 1949، ولم تعد الولايات المتحدة الدولة الوحيدة التي تملك هذا السلاح المدمر.
الرعب النووي وضع حدا لمغامرات واشنطن النووية، ولم تستعمل سلاح الجحيم مرة أخرى على الرغم من انها فكرت في ذلك بجدية أثناء الحرب الكوية عامي 1950 – 1953، إلا أن التوازن النووي منعها من ذلك.
المصدر: RT
أ |