صنعاء نيوز - بعد تلقي الجزائر موافقة على مبادرتها من قبل المجلس العسكري في النيجر بقيادة الجنرال عبد الرحمن تشياني، تكون قد أصبحت الفاعل الرئيس في مسار تسوية الأزمة

الثلاثاء, 03-أكتوبر-2023
صنعاءنيوز -


عباس ميموني / الأناضول
بعد تلقي الجزائر موافقة على مبادرتها من قبل المجلس العسكري في النيجر بقيادة الجنرال عبد الرحمن تشياني، تكون قد أصبحت الفاعل الرئيس في مسار تسوية الأزمة الناجمة عن الانقلاب على الرئيس محمد بازوم في 26 يوليو/تموز الماضي.
ومن المنتظر أن يصل وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف إلى نيامي اليوم الثلاثاء، ليباشر “مناقشات تحضيرية مع كافة الأطراف المعنية حول سبل تفعيل المبادرة الجزائرية”، مثلما أفاد بيان للخارجية.
وتعد الجزائر البلد الوحيد الذي قدم مبادرة للحل السياسي للأزمة في النيجر، بينما اتخذت المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا “إيكواس” وفرنسا مواقف متصلبة بضرورة إعادة بازوم إلى منصبه رئيسا للبلاد، وهددت باللجوء إلى القوة العسكرية لتحقيق ذلك.
ويحمل قبول المجلس العسكري الحاكم الفعلي للبلاد للوساطة الجزائرية عدة أبعاد، أهمها إتاحة الفرصة كاملة للتسوية السلمية وإبعاد خيار التدخل العسكري الخارجي، ويمنح بحسب مراقبين دور الريادة الدبلوماسية للجزائر في إدارة الملف.
المبادرة الجزائرية
وجاءت موافقة قادة النيجر الحاليين على المبادرة الجزائرية في حدود الآجال الزمنية التي طلبتها للرد، المقدرة بشهر كامل منذ تلقيها نسخة منها في 5 سبتمبر/ أيلول الماضي.
وفي 29 أغسطس/آب الماضي أعلن وزير الخارجية الجزائري في مؤتمر صحفي عن مبادرة من 6 نقاط تقدم بها الرئيس عبد المجيد تبون، لتسوية الأزمة في النيجر التي تتقاسم معها بلاده حدودا بأكثر من 950 كلم.
وتقترح المبادرة مرحلة انتقالية بمدة زمنية لا تتجاوز ستة أشهر “لبلورة وتحقيق حل سياسي يضمن العودة للنظام الدستوري والديمقراطي في النيجر”، وأن تتم الترتيبات السياسية اللازمة تحت “إشراف سلطة مدنية تتولاها شخصية توافقية”.
وفي مقابل ذلك، أعلن تشياني في أكثر من مناسبة أن الانتقال إلى الحكم المدني في البلاد سيكتمل في مدة أقصاها 3 سنوات، ومع ذلك رد بالقبول على المبادرة الجزائرية ما يبقي باب النقاشات حول المخرجات النهائية مفتوحا.
وتعتمد المبادرة الجزائرية على عنصر الضمانات الكافية لجميع الأطراف قصد إطالة أمد الحل السياسي الذي يتم التوصل إليه، وتحرص على إبعاد كل أشكال التدخل العسكري الخارجي.
ولم تخف الجزائر، خلفيات مبادرتها والتي أعلنها عطاف قائلا: “إن رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، أراد أن يثبت من خلالها أن الحل السياسي ممكن”.
وكشف عطاف في المؤتمر ذاته أن “نفس السؤال طرح عليه من قبل نظرائه، ومفاده، أنتم (الجزائر) ترفضون استخدام القوة العسكرية والمجلس العسكري يرفض إعادة الشرعية الدستورية، فما هو الحل السياسي الذي ينهي الأزمة ؟”.
ودائما ما أصرت الخارجية الجزائرية في بياناتها على أن فرص الحل السياسي ممكنة، ويجب منحها الوقت الكامل.
وأفاد عطاف بأن “دافع الشفافية وحشد الدعم لمبادرة بلاده، دفع إلى قرار الإعلان عنها وعرضها للمجتمع الدولي”.
وزاد: “الرئيس تبون يضفي طابع المرونة على مقترحاته لتمكينها من استيعاب فرص الاجتهاد من أي طرف لإثرائها وتقويتها إلى جانب وضعها في إطار أوسع هو الإطار الإقليمي في دول الساحل”.
وتضع الجزائر ثلاثة اتجاهات لمبادراتها “الأول داخلي: مع جميع الأطراف المعنية والفاعلة في النيجر، والثاني: جهوي مع دول الجوار والأعضاء في مجموعة الإيكواس، أما الثالث فهو دولي مع البلدان الراغبة في دعم مساعي المخرج السلمي”.
ويلاحظ أن الجزائر طرحت مبادرتها، بعد أن رمت بكل ثقلها لإبعاد خيار التدخل العسكري الذي لوحت به “إيكواس”، وقامت بعدة مشاورات مع بلدان المجموعة، خاصة نيجيريا صاحبة الرئاسة الدورية، وبنين وغانا، حيث أجرى عطاف جولة دامت عدة أيام.
وشددت الجزائر على رفض التدخل العسكري، واعتبرته تهديدا مباشرا لأمنها ولأمن المنطقة ككل.
إحباط “المخطط الشيطاني”
الخبير الدولي في الأزمات حسان قاسيمي، يرى أن قبول المجلس العسكري للوساطة الجزائرية يمثل “تصفية نهائية لخيار التدخل العسكري الذي لوحت به دول إيكواس وفرنسا”.
وأوضح قاسيمي للأناضول أن “القادة العسكريين الذين انقلبوا على الرئيس بازوم، أعلنوا انفتاحهم على الحوار وإعادة النظام الدستوري، ما يزيل مبررات اللجوء إلى القوة العسكرية ضدهم”.
واعتبر أن الجزائر “أحدثت الفارق من خلال اتقانها لعنصري سرعة التحرك ضد الخيار العسكري، وسرعة اقتراح مبادرة للحل السياسي”، مشيرا إلى أنها “الدولة الوحيدة في العالم التي قدمت مبادرة بنقاط واضحة لمعالجة الأزمة الناجمة عن الانقلاب”.
وأضاف قاسيمي أن “إدارة الأزمة في النيجر فلتت من أيدي قادة دول إيكواس بمجرد تلويحهم بالقوة العسكرية”.
وأردف: “هذا الأمر لم يفقدهم ثقة قادة النيجر الجدد فقط، بل أضعفهم داخل بلدانهم بسبب رفض شعوبهم لهذا الخيار”.
وأشار في المقابل إلى أن فرنسا “عاملت الانقلابيين باحتقار شديد، بعدما رفضت التحاور معهم، وعدم الرضوخ لمطالبهم القاضية بمغادرة سفيرها وقواتها العسكرية المتواجدة بقاعدة نيامي”.
هذه المعطيات، بحسب قاسيمي، “تعززت بالموقف الجزائري الرافض لكل عمل عسكري، والمعبر عنه عبر الإذاعة الرسمية برفض الترخيص للطيران الحربي الفرنسي باستخدام الأجواء الجزائرية لعملية محتملة في النيجر”.
وكانت الإذاعة الجزائرية أذاعت في 22 أغسطس الماضي، خبرا مفاده رفض الجزائر السماح باستخدام أجوائها لأربع مقاتلات فرنسية وطائرة للتزود بالوقد من أجل عملية عسكرية في النيجر.
وبالنسبة لقاسيمي، فإن الدور الجزائري “لم يتوقف عند طرح مبادرة وإنما أوقف مخطط شيطاني لتقسيم النيجر إلى شمال وجنوب، بعد تحريض فرنسا لأحد زعماء طوارق شمال البلاد الذي أعلن عن استخدام السلاح ضد المجلس العسكري”.
وكشف أن المخطط “كان أكبر بكثير حيث أن الجزائر منعت ثاني أخطر عملية تستهدف الساحل الإفريقي بعد الذي حصل في ليبيا سنة 2011، إذ كانت الحرب في النيجر ستشعل المنطقة بأكملها خاصة مع التقارير التي تحدثت عن وصول أسلحة من الحرب الروسية الأوكرانية إلى المنطقة”.
ثقة في الجزائر
أستاذ العلوم السياسية بجامعة ورقلة مبروك كاهي يعتقد من جانبه، أن “قبول المجلس العسكري للمبادرة يعني وجود ثقة في الجانب الجزائري، مقابل فقدانها في الأطراف الأخرى (إيكواس وفرنسا)”.
وقال كاهي للأناضول إن قبول المبادرة الجزائرية “يؤكد الجدية والواقعية التي تتسم بهما بعيدا عن الأطماع، وتعكس حقيقة حسن الجوار، وشعب النيجر يقدر وقفة الجزائر التي رفضت التدخل العسكري ولم تفرض أية عقوبات، بل سارعت للبحث عن حل وإيفاد مبعوثين إلى المنطقة”.
وبشأن فرص نجاح المبادرة، يرى كاهي أن ذلك “مرهون بمدى انفتاح المجلس العسكري في النيجر على الحل السياسي ودعم المنتظم القاري والدولي حتى تتمكن البلاد من استعادة النظام الدستوري”.
وأشار كاهي في المقابل إلى “وجود قوى ستعمل على تعطيل المبادرة حفاظا على مصالحها، إلى جانب الأطراف التي ستعمل على تغذية النزاع وإدامة الفوضى وهي تلك المتضررة من تراجع نفوذها العسكري والدبلوماسي وممثلة تحديدا في فرنسا والأطراف المرتبطة بها”.

رأي اليوم
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 21-نوفمبر-2024 الساعة: 06:08 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.sanaanews.net/news-93211.htm