صنعاء نيوز - في  الروايات السينمائية و التلفزيونية أمثال الطريق إلى إيلات و رأفت الهجان و دموع في عيون وقحة و مسلسل التغريبة المنتج في أواخر الانتفاضة الفلسطينية الثانية  . و حتى فعاليات يوم القدس العالمي .. و الخيبة من خلافات حركتي فتح حماس و الفرح باتفاقهما و ملاحقة فعاليات لقاءاتهما من القاهرة الى مكة الى صنعاء الى دمشق و تكرار مسلسل الخيبة ..  كلها صنعت وجدانا أرِقاً. 

الأربعاء, 25-أكتوبر-2023
صنعاء نيوز/كتب/ نبيل حيدر -
1 منذ بدء " طوفان الأقصى " كلما هممت بالكتابة تعبيرا عن التفاعل مع ذلك الحراك الفلسطيني التاريخي نازعتني مشاعر شتى و تداخلت المفردات المتفاعلة من فرط تدفقها و تزاحمها و توقفت عن البث.
 
2 هنا نشوة بالهجوم على الظالم  .. و هنا وجع مما خلفه صلفه و رده الوحشي قتلا و تدميرا و حصارا أشمل من حصاره الدائم و احتلاله الدائم و اغتصابه لحق غيره .
و هنا ترقب و خوف و أمل و درس و حقائق و أكاذيب و مشاعر سليمة و مشاعر سقيمة .. و كلها تحف بالحدث . ! 

2 التفاعل مع القضية الفلسطينية تعلمناه مع الصفحات البيضاء الأولى و الأصلية للعقل و القلب ..  و عشناه ألما و وجعا و حلما و غضبا و حماسا مع " فيروز " و رائعتها " زهرة المدائن " التي غنت فيها " عيوننا إليك ترحل كل يوم " .
وقبلا عشناه فيما قرأناه من بطولات اوائل المناضلين .. القسام و رفاقه .. و لاحقا و خِلالاً أيضا عشناه مع بطولة سناء محيدلي و المقاومين الفلسطينيين و المقاومة العتيدة في لبنان و حرب اكتوبر 1973 . و عشناه فيما سطره الشعراء محمود درويش و سميح قاسم و غيرهم .. و في  الروايات السينمائية و التلفزيونية أمثال الطريق إلى إيلات و رأفت الهجان و دموع في عيون وقحة و مسلسل التغريبة المنتج في أواخر الانتفاضة الفلسطينية الثانية  . و حتى فعاليات يوم القدس العالمي .. و الخيبة من خلافات حركتي فتح حماس و الفرح باتفاقهما و ملاحقة فعاليات لقاءاتهما من القاهرة الى مكة الى صنعاء الى دمشق و تكرار مسلسل الخيبة ..  كلها صنعت وجدانا أرِقاً . 
و رغم مرور السنين و الأعوام ما تزال حوادث الانتفاضة الأولى و الثانية محفورة في الوجدان الذي حاولت بعض الأحداث اللاحقة تصليده و التغلب على رقته و خفقانه
و فشلت كما فشلت من قبل و حاليا اعتقادات ضيقة منعت نفسها من الشعور الإنساني فتجمدت و جمد وجودها و تيبس أداؤها و لم ينفعها حسها الطائفي في تحقيق أي نصر و فتح .

3  عندما جاء اتفاق أوسلو عام 1993 للسلام الفلسطيني مع اسرائيل و انطلق مارثون سباق تفاوضي خارج مسار المقاومة ظنناه خيانة للقضية .. و إذا بالخيانة تتبدى حكما فيه ظلم و انعدام للرؤية .. فلولا تلك المفاوضات رغم مشقتها و ما فيها من المكر الاسرائيلي و الغبن و كأنها محاولات بائسة لانتزاع الحق بالسلم - و هي كذلك - لولا تلك المفاوضات ما استطاع الفلسطيني أن يشكل قوة مسلحة منظمة لها سلاحها الفعال و مقاتلها الجندي داخل جزء من أرضه التي يتحرك فيها أفضل مما لو كان المحتل فوق رأسه في كل شارع .
و رحم الله المناضل الكبير ياسر عرفات الذي أدرك أن القتال من خارج الأرض عمل فاشل .. ففي بداية الثمانينات عندما قضت الأحداث بخروجه و خروج قواته من لبنان إلى بعض البلدان العربية  سئل : إلى أين يا أبو عمار فكان جوابه الذي حير سائليه : إلى فلسطين .

4 فلسطين قضية جامعة و ينبغي ألا تتجمع المشاعر بتعصب و أن تتجمع العقول و تسعى لترميم ما يطال الوطن العربي كله من الصراعات الطائفية و الجهوية و السلطوية و استثارة الأمراض الطائفية . و ليست مسألة خاصة بالحكام فقط بل المعني بها الشعوب و الأفراد و الجماعات .. المعني بها مجتمعات و ثقافات و اعتقادات عامة عمياء .
كما أن الحصار ( الإضافي ) والشامل الذي قررت اسرائيل فرضه على قطاع غزة مانعا الماء و الكهرباء و الغذاء  الدواء اللازم توحش متجدد .. و للأسف هناك ما يشبهه داخل البلدان العربية .. و لكن التعصب و اعتقاد فضيلة الجريمة ضد الآخر المختلف مقبول و مبرر .
و في سياق ذلك الموج تزداد النكبات و يزداد الأسى
و يرفض المتعامي فض عماه بالتبصر .

5 رفض اغتصاب حق الغير بالمطلق و رفض إجباره و الرضا بترهيبه و قسره و مذلته لم يتحول بعد إلى مبدأ و سلوك حقيقي و ثابت .. و التلون ما زال يحكم المشهد و رفض الظلم هنا يقابله قبولا بالظلم هناك .. و الكثير يرقض الظلم الاسرائيلي و يدينه لكنه يتماهى مع ظلم و ظالم آخر و يمجده . و هذا في تقديري ما جعل و يجعل المشهد العربي و الاسلامي عموما بائسا و تعيسا و مستقبله إما مجهولا أو ملغوما .
أليس بيننا من ما زال  يردد في عمقه : بعض الظلم مطلوب .. مؤمنا بثقافة الغلبة و حق المتغلب في فرض حقه و باطله ؟ .
ألسنا جميعا ننسى أن " معظم النار من مستصغر الشرر " و أن الظلم الصغير ينمو و يكبر و يصير كبيرا ؟
ألسنا ننسى أن الظلم نهايته وخيمة و وازرته تزر نفسها و ترزي مرتكبه طال به الزمن أو قصر ؟ .

إن التسلط ليس فقط مسخا صهيونيا .
تمت طباعة الخبر في: السبت, 28-ديسمبر-2024 الساعة: 11:58 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.sanaanews.net/news-93636.htm