صنعاء نيوز/عبدالله الصعفاني -
هناك أشكال للمواجهة بين الأنظمة أو الحكومات وبين معارضيها..
الشكل المثالي وهو أن يخرج المتظاهرون إلى الشارع مرتدين أفضل الملابس والقبعات دونما إغفال بعض رشات العطر.. وفي هذا الشكل قد يخرج متظاهرون عن النص فيتم الإمساك بهم بخليط من الكفاءة والأناقة يلحظها من يتابع الخبر المصور عبر كاميرات التلفزيون.
هذا النوع من التظاهر كنا نراه في أوروبا قبل أن تعكس التطورات المناخية نفسها على أعصاب الناس.
الشكل الثاني متطور حيث يتم فيه استدعاء الفكرة الفلسطينية التي اخترعها أطفال الحجارة.. غير أن هذا الشكل تطور هو الآخر في بعض البلدان العربية على قاعدة مواجهة استخدام قوات الأمن للقنابل المسيلة للدموع والرصاص المطاطي والحي باستخدام الزجاجات الحارقة مع ما تيسر من السكاكين والمطاوي.
النوع الثالث هو الذي حدث في اليمن حيث يمكن فرض منطق الحراك السلمي المسلح والثورة السلمية المعززة بأسلحة لا تقل عن أسلحة الجيش والأمن إلاّ بغياب الطائرات.. وليست أحداث الحصبة بعيدة في الزمان أو المكان عن الفكرة العامّة للتظاهر..
وفي المسافة الممتدة بين اعتصامات حكيم الهند الوردية "غاندي" ومسيرات ضرب أواني الأكل الفارغة بالملاعق في ثورات أوروبا الشرقية ومواجهات زنقة زنقة.. دار دار.. شبر شبر.. وبيت بيت.. يرتفع منسوب الهواجس والمخاوف اليمنية.. حيث نعيش واقعاً سياسياً وأمنياً واقتصادياً هو أقرب إلى جحيم المواجهات منه إلى جنة الحكمة الضائعة وسط ركام استفهاميات هل ما تزال الحكمة يمانية وهل ما تزال هذه الحكمة ضالة المؤمنين اليمنيين؟؟.
بالمناسبة عندما يكتشف المواطنون في بعض الحارات أن محسوبين على وزارة الكهرباء يقومون بنزع الفيوزات من بعض المحولات دعماً لعمليات ضرب أبراج الكهرباء في مارب ولدوافع تخريبية سياسية تصير المواطنة.. وحكمة بلقيس.. وبقية المحفوظات محل شك وموطن ارتياب مشروع.
وحكايتنا مع الحكمة اليمنية الضائعة تحتمل تبادل الإسقاط على الحالة اليونانية حيث لم ينفع اليونانيين لا حكمة سقراط وارسطو ولا مدينة أفلاطون الفاضلة ولا حتى مليارات اليورو للاتحاد الأوروبي الرافع شعار أهل البيت الأوروبي أحق بزبادي أوروبا وعسلها..!!.
أمّا الشاهد في الرواية والمقارنة فهو التذكير بخطورة أن نستدعي في اليمن المنهج الاستنساخي للثورات والتظاهرات فيما نحتاج إلى المنهج الاستلهامي الذي يأخذ أفضل ما يحقق التغيير والانتصار لقضية التطور في اليمن.. دونما كر أو فر تجاه مواقف الأغراب الذين ينفخون في العنف ثم يطلبون عدم استخدام العنف..!.
وإذا كان من حقنا كيمنيين أن يكون لنا ربيعنا فإن من واجبنا أن نعمل على أن يتسع الوطن للأحلام بالاستماع إلى بعض ورؤية الحقائق القائلة بأن الأقوى والأكثر حلماً ليس من يرفض الحوار ويتمترس وراء الموجات العاصفة وإنما هو القادر على التفكير الإيجابي واستلهام القيم الوطنية والقواعد الأخلاقية والدينية والإنسانية بصيغ تعاونية مفتوحة وقواعد نظيفة للعبة السياسية.
إن أي مواطن مخلص لأحلامه لا يمكن إلاّ أن يدعو إلى الحوار وإلى توافق وطني صار مطلوباً في الحال الخطر .. بعيداً عن التباهي بهذه الصور المشوهة لوجه اليمن.. كيف والصراع لا يدمر المتصارعين وإنما يدمر البلد بأسرها.
وحتى يرتاح هواة التمترس وراء الباطل قبل الحق يحسن القول من حقنا أن لا نتفق مع طريقة إدارة النظام لشئون البلد لكن من حقنا أن نختلف تماماً مع طريقة المعارضين في طلب السلطة وحسب كل طرف أن يشبع غروره بأنه رقم صعب ولكن.. كيف للعقل أن يقبل بأن يكون الشعب وحده هو الرقم السهل؟؟.