صنعاء نيوز - عندما يحب الانسان شيئاً يبالغ في حفظه وكتمان أمره عن من حوله، لكي لا يُسلب منه أو يفقد رونقه، ولهذا نجدُ أن أهل البيت عليهم السلام

الأربعاء, 15-مايو-2024
صنعاءنيوز / بقلم محمد راهي -





عندما يحب الانسان شيئاً يبالغ في حفظه وكتمان أمره عن من حوله، لكي لا يُسلب منه أو يفقد رونقه، ولهذا نجدُ أن أهل البيت عليهم السلام يوصون أتباعهم بالسر والكتمان ويحثونهم على ذلك.

فعن رسول الله محمد صلى الله عليه وآله انه قال : ( استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان )1

الحث على الكتمان في قضاء الحوائج يعطي إنطباعاً تصويرياً عما سيحصل لو كان أحدنا على إطلاع بحاجة الأخر، أو مايريد فعله و ينوي عمله، خوفاً عليه من الحسد أو من الكيد من قِبل من لايريدون له الخير والنجاة، فكيف بأمر سيعيد ترتيب الارض كل الأرض وبكل ابعادها والحياة فيها ألا وهو يوم ظهور الامام المهدي عج الذي اخبرنا عنه أئمة الهدى رضوان الله عليهم؟ يومُ مسرة ونجاة وفرح للمؤمنين، وذاته الذي تسوء فيه وجوه الظالمين و المنافقين، والسؤال هنا لو علم المنافقين و حكام الظلم و الجور بيوم ظهوره عج، فهل سيسكتون أو يدعون الامر يسير بكل يسر وسهولة ؟
أم سيستعدوا ويجهزوا جيوشهم وقض قضيضهم لكي يحولوا بين الامام المهدي عج وبين ظهوره؟ فإن ظهر قتلوه، لهذا ولكي يحفظه الله عز وجل، جعل يوم ظهوره مخفي غير معلوم، إلا إذا استعدت الامة وتجهزت لنصرة النجم الاخير من الانجم الزاهرة لآل محمد، عندها يقترب يوم ظهوره وتبتشر الامة بفرجها وفرج آل محمد.


مما روي في الكتب المعتبرة انه كان وقت فرج المؤمنون في سنة 70ه‍ ولكن الامة لم تنصر إمام زمانها فتأخر فرجهم، وهذا ماورد عن ابي حمزة الثمالي قال:( سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: يا ثابت إن الله تبارك وتعالى قد كان وقت هذا الامر في السبعين، فلما أن قتل الحسين صلوات الله عليه اشتد غضب الله تعالى على أهل الأرض، فأخره إلى أربعين و ومائة، فحدثناكم فأذعتم الحديث فكشفتم قناع الستر ولم يجعل الله له بعد ذلك وقتا عندنا ويمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب )2

نلاحظ ان الله عز وجل وقّت لفرج المؤمنين و إقامة دولة العدل الإلهي مرة اخرى في سنة 140ه‍ ،
ولكن الامة لم تكن على إستعداد ايضا بل وكانوا يستبشرون بالفرج بلا إعداد أو إستعداد، وبسبب إذاعتهم سر يوم الفرج، أخر الله سبحانه وقت الفرج إلى أجل محتوم لم يُطلع عليه أحد، ليبقى وقت الفرج معلقاً على الإرادة الالهية ومدى استعداد الامة لنصرة إمام الزمان.

لقد أثنى أهل البيت عليهم السلام على من ينتظر إمام زمانه انتظاراً حقيقياً ويسلم أمر الظهور لله، ويستعد استعداداً حقيقياً بلا عجالة أو شروط على الحكمة الإلهية، فالله عز وجل حكيم عليم احتفظ بالنجم الأخير من آل محمد ليوم معلوم حتى تكون الامة على وعي كامل بأهمية وجود الامام المعصوم وطاعته.
لقد كان الائمة الطاهرين حاضرين في أوساط المجتمع، ولكن المجتمع لم يكن على قدر من الوعي والإدراك ليعي أهمية الائمة المتواجدين في عصرهم، فكان تغييب الامام الأخير هو السبيل الوحيد الذي يجعل الامة و المجتمعات على دراية بأهمية من غاب عنهم، وأيضا تحمل المسؤولية العظيمة و الاستعداد و الاعداد لتهيئة الطريق لاقامة المشروع الإلهي.

تحدثنا الروايات عن ثلاثة فئات في زمن الغيبة، فئتين مذمومتين و فئة ممدوحة، فعن عبد الرحمن ابن كثير قال كنت عند أبي عبد الله عليه السلام إذ دخل عليه مهزم، فقال له: جعلت فداك أخبرني عن هذا الامر الذي ننتظر، متى هو؟ فقال: يا مهزم كذب الوقاتون وهلك المستعجلون ونجا المُسلِمّون3

ان الامام الصادق عليه السلام قد ذم فئتين وهما الوقاتون و المستعجلون، وهذا يدل على ان هاتين الفئتين ستتواجد في زمان غيبة الامام المهدي عج، وقد تنشأ منهما حركات منحرفة، حركة يكون مبدئها الاستعجال في نشر وانتشار الظلم و الفساد في المجتمع لكي يتعجل الظهور الشريف حسب اعتقادهم، وأُخرى توقت ليوم الظهور الشريف وتدعي ظهوره في كذا عام وكذا شهر و كذا يوم، وطبعاً هذا الامر سيكون له تبعات من قبيل اليأس والإحباط بعد ان يتبين عكس ذلك الامر.
وفئة ثالثة هي الفئة الممدوحة من قبل اهل البيت عليهم السلام وكما وصفها الامام الصادق عليه السلام بالمسلمون، وهي من الانقياد و التسليم لإمر الله مع السعي لإعداد الامة و تنشئتها من خلال الانتظار الحركي الصادق و الباعث على الامل و العمل من أجل التهيئة والاستعداد والتمهيد وتربية المجتمع لاعانة الامام المهدي عج في تكوين الحكومة العالمية العادلة، هذه الفئة يجب ان يسعى الانسان المؤمن المهدوي لإن يكون أحد أفرادها الساعين إلى بذل الانفس و المهج من أجل ذلك، كونها الفئة الناجية من بين الفئات الثلاث التي ذكرناها، وعلى المؤمن أن يتعظ وينتبه…

فانظر لعمرك أين ومع من تقف، بين من مدحهم أهل البيت وأسموهم بإهل الانتظار، وبين من ذمهم أهل البيت وأسموهم بالموقتون الكاذبون والمستعجلون ؟؟؟


أيضا فقد روي ان الموقتون لظهور الامام سلام الله عليه، يخيب توقيتهم بمكر الله سبحانه وتعالى، فعن الامام الصادق عليه السلام انه قال: أبى الله إلا أن يخالف وقت الموقتين4
وهذا بيان صريح وواضح بإن الله عز وجل يأبى الا ان يكون وقت ظهوره سلام الله عليه مخالفا لما يوقته هؤلاء الموقتون الكاذبون، بل هناك تأييد من الامام الصادق عليه السلام بان لا نهاب الموقتون ونعلن تكذيب مايقولونه علناً، فعن أبي عبد الله عليه السلام قال:
من وقت لك من الناس شيئا فلا تهابن أن تكذبه، فلسنا نوقت لاحد وقتا 5

وأيضا فقد نقل عن مرجع الطائفة سماحة السيد علي السيستاني حفظه الله بعض التوصيات للمؤمنين في زمن الغيبة منها ماورد في التحذير الشديد من ادعاء التوقيت وهذا نصه:

وليحذروا عن مزاعم توقيت الظهور أو ما بمنزلتها أياً كان زاعمها، لما ورد من النهي المؤكد عن مثل ذلك وتكذيب من ادّعاه، وتشهد عليه التجارب المتكررة حيث صدرت هذه المزاعم كثيراً في التاريخ، ثم استبان كذبها والوهم فيها6


ولهذا على المنتظرون الصادقون ان يحملوا على عاتقهم تنبيه الناس من فئات الانحراف كالموقتون و المستعجلون و غيرهم و ان يكونوا هم حملة نور الامل نحو المستقبل المهدوي المشرق بنور ولي الله الاعظم ارواحنا فداه

اللهُمَّ إنّا نَرغَبُ إلَيكَ في دَولَةٍ كَريمَةٍ تُعِزُّ بِها الإسلامَ وَأهلَهُ وَتُذِلُّ بِها النِّفاقَ وَأهلَهُ، وَتَجعَلُنا فيها مِنَ الدُّعاةِ إلى طاعَتِكَ وَالقادَةِ إلى سَبيلِكَ























المصادر :

1. ميزان الحكمة - محمد الريشهري – ج1 ص630
2. الكافي - الشيخ الكليني - ج ١ ص368
3. المصدر السابق
4. مكيال المكارم - ميرزا محمد تقي الأصفهاني - ج ٢ ص ٣٠٦
5. الغيبة - الشيخ الطوسي - ج ١ ص٤٤٦
6. نصائح سماحته (دام ظلّه) للمؤمنين في عصر غيبة الامام المهدي (عج) ، https://www.sistani.org/arabic/archive/26548/










تمت طباعة الخبر في: الأربعاء, 04-ديسمبر-2024 الساعة: 06:49 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.sanaanews.net/news-97391.htm