صنعاء نيوز/ بقلم :أسامة الوحيدي. -
كان لي شرف المشاركة في أحد اجتماعات اللجنة التحضيرية للمؤتمر الشبابي الرابع لنصرة الأسري "الأسري في عيون الشباب"، والذي يعكف علي تنظيمه مجموعة من التيارات والتجمعات الشبابية الناشطة في المجالات السياسية والوطنية بمبادرة وتنفيذ منظمة أنصار الأسري ، حيث خصص هذا الاجتماع لوضع الرتوش التكميلية و اللمسات الأخيرة علي ترتيبات المؤتمر المزمع عقده في الخامس والعشرين من الشهر الجاري وتضمن بحث السبل الكفيلة بإخراج المؤتمر المنشود بشكل يضمن نجاحه في تحقيق الأهداف المرجوة من وراء عقده ، والتي تتلخص غالبيتها في إقحام الشباب الفلسطيني بقوة واندفاع لبلورة خطة إستراتيجية فاعلة لإعادة الاعتبار لقضية الأسري لدي الأوساط الشبابية والأطر الطلابية التي تعج بها ساحتنا الفلسطينية .
مما أثار سعادتي خلال مراقبتي لسير الاجتماع تلك الروح التنافسية السامية و هذا الزخم المتزاحم من الأفكار والتوجهات وعمق الإرادة الفذة لبذل كل ما يمكن من جهد يقود إلي أفضل النتائج ، والعديد من المبادرات التي تدلل في مجموعها علي مدي استشعار هؤلاء الشباب لعظم المهمة الملقاة علي عاتقهم ، وحرصهم المتزايد علي بلورة موقف وطني يعبر عن رفض ما يتعرض له أسرانا البواسل من بطش وتنكيل علي مدار اللحظة ، وإصرارهم علي إطلاق حملة شبابية ناجعة ومتواصلة لا تحددها أحداث موسمية ولا ترتبط بجداول زمنية ، حملة لا تخبوا جذوتها مادامت جراحات أسرانا ملتهبة ومعاناتهم متجددة ، ومادام من بين جنبات هذه الأمة من يؤمن بالجسد الواحد الذي كلما اشتكي منه عضو يجب أن يتداعي له سائر الأعضاء بالسهر والحمى .
لقد عززت هده الحالة الفريدة من البذل والعطاء ما يتوفر لدي من قناعات وجددت ما برهنته التحديات بأن الشباب هم عماد الأمم ومصدر ثرواتها البشرية وعنوان حضارتها ، ومن الضروري أن تتاح لهم الفرص الممكنة وتفتح لهم الأبواب الموصدة وتذلل أمامهم العقبات لتمكينهم من التقاط زمام الريادة للمشاركة في إدارة قضايا الشعوب الشائكة وهمومها المتشعبة ، فإرادة التغيير لدي الشباب والتي تتدفق في ميادين المعارك الجارية في فلسطين وفي سائر ربوع مشرقنا العربي وما حققته من نجاحات متتالية بسواعد الشباب الذي يتطلع نحو غد أفضل للأجيال القادمة ، قد أبرزت بشكل لافت المخزون النضالي الهائل والملتهب بين ضلوع هده الشريحة المؤثرة والقادرة علي صياغة المشهد وإعادة تشكيل رموز المعادلة بنحو يفرض علي الجميع الأخذ بالحسبان آمال وتطلعات الشباب ومطالبهم العادلة .
ولعل الخصوصية التي يستأثر بها واقعنا الفلسطيني المرير تملي علي الشباب الفلسطيني الوطني والغيور الاضطلاع بمهام واهتمامات تختلف تماما عن مثيلاتها في أوساط غيرهم ممن يستنشقون نسيم الحرية ويستظلون بظلالها علي أي بقعة أخري من زوايا الأرض المترامية الأطراف ، هذه الخصوصية التي تكمن إحدى دلالاتها في تركز مشاريع الاحتلال الإسقاطية والانحلالية التي وضعت دائما في طليعة أهدافها النيل من منظومة القيم الوطنية والأعراف الثورية التي استحوذت علي وعي وسلوك الشباب الفلسطيني المتأهب دائما لمقارعة الاحتلال ومجابهة مخططاته الرامية إلي عزلهم وإقصائهم عن الانخراط في خضم النضال الوطني الفلسطيني بكافة مضامينه وأشكاله .
هده المشاريع التي لم تفلح إلي حد كبير في جني أهدافها ، وتحقيق مراميها بفعل التجربة النضالية التي أكسبت الشباب فكرا توعويا يقظا جعلته مدركا لما يحاك له من مؤامرات وما يخطط له من دسائس ، فضلا عما أسهمت به تلك الخصوصية من صقل متنامي لملامح الشخصية الجماعية لشريحة الشباب الفلسطيني الذي ما زادته التحديات والصعوبات إلا إصرارا وتصميما علي مواصلة الطريق لاستعادة حقوق شعبه المسلوبة وإنهاء معاناته المتفاقمة .
لقد شكل الشباب الفلسطيني علي الدوام رافعة أساسية ونواة حقيقية لثورات شعبنا الناجزة في وجه ممارسات الاحتلال وسياساته القمعية مند اليوم الأول لجثومه علي صدر أرضنا الفلسطينية ، وأري في أنه قد آن الأوان لتغيير النظرة النمطية السائدة والتي تري في الشباب ليس أكثر من أدوات تنفيذية محضة عليها أن تخضع لمعايير الولاء والطاعة العمياء ،وأصبح من الضرورة بمكان اختبار قدرتهم علي المشاركة في معالجة الشأن الوطني وعقده المستعصية مما قد يسهم في إخراجنا من عنق الزجاجة والوصول بمركب الحرية إلي بر الأمان .
أعتقد أن هبة الشباب لنجدة الأسري وإسماع صوتهم للعالم هي خطوة نموذجية علي هذا الطريق ، لابد أن تحظى بالاحترام والتمكين ويجب أن يجري العمل علي تطويرها لتشمل كافة القضايا ذات الاهتمام المصيري المشترك والتي تحتاج إلي المزيد من التكاتف والاصطفاف استجابة لما تمليه علينا الأمانة الوطنية ومقتضياتها الرامية لتحقيق أمنيات شعبنا وتطلعاته المشروعة .
الكاتب باحث في قضايا الأسري الفلسطينيين |