صنعاءنيوز / عباس السيد -
لأسباب متعددة ، قد يكره الإنسان شخصا أو حيوانا أو حتى جمادا كمبنى او منشأة مثلا .
منتزه زايد في جبل صبر الذي يحج اليه زوار المدينة والجبل ، أنا لا أحبه ، ولم يسبق لي أن دخلته منذ افتتاحه في العام 2005 ، لأنه بُني على أنقاض المدرسة التي درست بها اربع سنوات ، من أول اعدادي إلى اول ثانوي . مدرسة الشهيد محمد علي عثمان ، أول مدرسة إعدادية ثانوية في جبل صبر .
لقد كانت المدرسة بمثابة الجسر الذي أتاح لنا الإستمرار في مشوار التعليم ، فعندما انهينا المرحلة الإبتدائية في قريتنا ، كنا أمام خيارات صعبة ، إما الإنقطاع عن التعليم ، والتفرغ لأعمال الزراعة والرعي ، أو اكتساب حرفة او مهنة ، أو الإغتراب لاحقا كما فعل معظم جيلنا .
القليلون منا شدوا الرحال من قريتنا في مديرية حدنان ، لمواصلة التعليم في قرية "دار النصر " مركز مديرية صبر الموادم ، وكنا مجموعة بعدد اصابع اليد .
مشوار يأخذ منا اكثر من ساعة ، ننزل نقيل ونطلع نقيل ، وعندما نتأخر ، يستقبلنا المدرس المصري بساحة المدرسة وهو يلوح بعصاه :
اهلا بتُوع حدنان . نفتح اكفنا ، وندخل الفصل ..
المقاعد فُل ، ونحن غرباء بين الطلاب من قرى مديرية الموادم ، ولا احد يمكن أن يتعاطف ويفسح لأي منا الى جواره ، وما فيش قدامنا غير ننبع نجلس في الطيقان .
قبل ايام من زيارة الرئيس الحمدي و الشيخ زايد لجبل صبر عام 1977 ، استعدت المدرسة لاستقبالهما .
تدربنا على عبارات الترحيب بشكل جماعي في مسيرات من المدرسة إلى قرية مراغة على الطريق الذي كان ترابيا حديث الشق .
بعد سنوات من الزيارة ، هُدمت مدرسة الشهيد محمد علي عثمان ، وهدم أيضا مبنى أثري من ثلاثة طوابق ، كان يستخدم كمدرسة ابتدائية " مدرسة الإصلاح" - لا علاقة لها بالإصلاح الحزب الذي نشأ متأخرا - .
هذا المبنى كان مقرا لأمير تعز في العهد الملكي ، وكان اسمه دار النصر ، وهو الإسم الذي حملته القرية ، وطغى على اسمها الحقيقي " صِهْلَه" .
صحيح ان منتزه زايد بات مشهورا ، لكنه في الحقيقة مجرد مبنى أو في قرية اسمها : دار النصر .
بانتقالنا من قريتنا النائية في حدنان إلى قرية دار النصر ، وجدنا " فجوة حضارية " هائلة بين القريتين ، فقُرب الأخيرة من مدينة تعز ، اكسبها بعض صفات المدينة .. حركة السيارات ، النشاط التجاري ، مطاعم صغيرة وكافتريات يعمل فيها رجال وبعضها نساء و فتيات ، ومن أيديهن عرفت المحلبية لأول مرة .
كانت تلك الأجواء تخفف عنا تعب السفر اليومي الشاق ، وكأننا في نزهة يومية ..
دار النصر ، كانت قرية تعج بالحركة النشطة ، يمارس الجميع نشاطهم بمودة وثقة تحت الشمس ، القرية كلها منتزه مفتوح من شمالها حيث تقع المدرستين ، إلى جنوبها حيث بركة الماء المحاطة بأشجار البلس والفرسك . قبل أن يستبدل كل شيء بمبني يحوي عشرات الغرف المغلقة يسمونها شاليهات ، وهو اقرب إلى استراحة لمسؤولي المحافظة ، ومسؤولي المنظمات والأثرياء .
ماذا لوكانت ادارة المدرسة وطلابها ، يعرفون أن زيارة الشيخ زايد ستؤدي الى تدمير المدرستين ، هل كان موكبه سيُرمى بالمشاقر .؟.
عباس السيد |