صنعاء نيوز - خلق الله تعالى الإنسان محبّاً للاختلاط والتآلف مع غيره من بني البشر، فلا يمكن أن يعيش الإنسان السوّي وحده من دون رفقةٍ وأنيس

الأربعاء, 24-يوليو-2024
صنعاءنيوز /عمر دغوغي -



بقلم: عمر دغوغي الإدريسي مدير مكتب صنعاء نيوز بالمملكة المغربية [email protected] https://web.facebook.com/dghoughiomar1

خلق الله تعالى الإنسان محبّاً للاختلاط والتآلف مع غيره من بني البشر، فلا يمكن أن يعيش الإنسان السوّي وحده من دون رفقةٍ وأنيس؛ فالحياة الاجتماعيّة هي جانب من جوانِب حياة أي إنسان لا يمكن تجاهلها ولا تجاوزها، فالله تعالى عندما خلَق الناس جعلهم متفاوِتين في قٌدِراتهم العقليّة والبدنيّة ممّا يجعلهم في حاجةِ بعضهم البعض باستمرار؛ فالخبّاز يحتاج إلى الحدّاد، والحداد يحتاج إلى الطبيب والمهندس والمعلِّم وغيرها من الأعمال.
الإنسان مدني بطبعه كما قال ابن خلدون أبو علم الاجتماع، وهذا يعني حاجته المستمرّة للبشر لتلبية حاجاته الحياتيّة، ابتداءً من حاجاته النفسيّة كحاجته للشعور بالتقدير والاحترام والتواصل وغيرها، وانتهاءً بحاجاته المعيشية التي تتمثل بالمأكل والمشرب والمأوى وغيرها؛ فالإنسان مهما تمايزت قدراته وتعددت مهاراته سيبقى عاجزاً عن توفير أبسط احتياجاته بمفرده، فرغيف الخبز مثلاً يحتاج لقمح يزرعه مزارع ويحصده بآلات أعدّها صُنّاع آخرون، ويحتاج إلى مطاحن لتحويل القمح إلى دقيق وغيرها من الأمور حتى يحصل عليه.
تُعتبر الأسرة هي الركن الأساسي في تكوين أي مجتمعٍ، وهي ما يحكُم الروابِط الاجتماعية التي سيُكوّنها الفرد في حياته فيما بعد؛ فشخصيّة الفرد تتكوّن في الأساس منذ صغره، فإذا كانت تربيته سليمة والبيئة التي تربى فيها صالحة وخالية من المشاكِل ينشأ الفرداً سويّاً محباّ للحياة الاجتماعية، بينما البيئة التي تفتقر إلى التربية السليمة التي تعتمد في أساسها على مفاهيم التعاون والاحترام ، والالتزام بمبدأ الحقوق والواجبات فإنّ أفرادها في الغالب يُعانون من مشاكِل في التواصُل مع الآخرين ويميلون إلى الاكتئاب والعزلة الاجتماعية.
تتميّز العلاقة التي تربط الفرد بمجتمعه بكونها تبادليّة بحتة يؤثر فيها هذان المكونان ببعضهما بشدّة، ففي الوقت الذي يلعب فيه المجتمع والبيئة المحيطة في هذا الفرد دوراً رئيسياً في تكوين المعالم الرئيسية لشخصيته لا سيما في بدايات مراحله العمرية -كما في قصة الطفل الصيني (مانج لو) الذي يُروى أنّ والدته انتقلت في مسكنها مرّات عدّة نظراً لتقليد الابن لسلوك من كانوا يحيطون به من أفراد، ففي المرة الأولى قلّد مانج لو سلوك حفّاري القبور نظراً لأنّ منزلهم كان بجوار مقبرة، فيما بدأ يقلّد حركات الجزّارين عندما كان بيتهم قريباً من سوق الجزّارين، إلى أن قررت والدته الانتقال بسكنها إلى حي فيه مدرسة؛ فبدأ ابنها يقلِّد سلوك الطلاب ويحذو حذوهم- فإن الفرد والطريقة التي يتفاعل بها مع باقي الأفراد في المجتمع، بالإضافة إلى المعادلة الاجتماعية التي تحكم المجموعات فيه هما ما يُشكّلان الفرق بين المجتمعات ويعطيانها طابعاً خاصاً يميزها عن باقي المجتمعات الأخرى.
نظّم الإسلام علاقة المسلمين ببعضهم البعض فدعى إلى التحلّي بالحميد من الأخلاق التي توطّد العلاقات بين الأفراد وتبعدهم عن الأضغان والنزاعات، ودعا إلى التزاور والتراحم وصلة الرحم، وأرسى مفاهيم المساواة والعدالة الاجتماعية لضمان الأمان الاجتماعي والسلام، فيما حدد علاقات المسلمين بغيرهم أيضاً وحثّ على أن تحكمها المعاملة بالحسنى مالم يحرّكهم عِداء، فوضع بذلك أسس تكوين مجتمع قوي معافى في علاقاته بما يضمن التفاعل الصحيح بين الناس كأفراد وجماعات.
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 21-نوفمبر-2024 الساعة: 08:32 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.sanaanews.net/news-98418.htm