صنعاء نيوز - منذ صعوده على رأس هرم السلطة في العام 1968، ومن ثم أصبح الزعيم الأوحد للأمن الداخلي حتى منتصف السبعينيات، ثم رئيسًا لمكتب الأمن القومي

الثلاثاء, 13-أغسطس-2024
صنعاءنيوز / -

إيهاب مقبل

منذ صعوده على رأس هرم السلطة في العام 1968، ومن ثم أصبح الزعيم الأوحد للأمن الداخلي حتى منتصف السبعينيات، ثم رئيسًا لمكتب الأمن القومي حتى العام 1979، ورئيسًا لجمهورية العراق حتى العام 2003، كان صدام حسين هدفًا إستراتيجيًا للاغتيال من قبل الموساد الإسرائيلي.

يرجع تفتح أعين الموساد لشخصية الرئيس العراقي الراحل صدام حسين إلى العام 1969، وذلك بسبب اعدام 14 جاسوسًا شنقًا في ساحة التحرير وسط بغداد، كان بينهم تسعة يهود عراقيين ادينوا بالتجسس لصالح الموساد الاسرائيلي، والاعداد لتنفيذ تفجيرات وعمليات تخريب داخل العراق. كان زعيم شبكة التجسس التاجر اليهودي في البصرة عزرا ناجي زلخا، والبالغ من العمر 51 عامًا.

تولى صدام حسين في العام 1964، وهو بعمر 27 سنة، إدارة جهاز حنين الأمني السري، تيمنًا بـ"غزوة حنين"، أي في مقتبل عمره السياسي، وكان مطاردًا واسمه مثبتًا على لوائح الأمن العامة في بغداد وتكريت خلال منتصف ستينيات القرن الماضي. وامتلك في تلك الفترة مع حلقة صغيرة وخاصة جدًا أسراره وتفاصيل عملياته والتخطيط المباشر لنشاطاته. بمعنى آخر، لم يكن صدام حسين هدفًا سهلًا للموساد الإسرائيلي عند وصوله إلى هرم السلطة في العام 1968، وذلك بسبب خبراته الأمنية.

جاءت المحاولة الأولى لاغتيال صدام حسين من قبل الموساد في سبعينيات القرن الماضي، وذلك عندما طلبَ العميد في الجيش الإسرائيلي "تسوري ساغي" من الموساد إرسال أفضل خبراء التفجيرات إلى شمال العراق بهدف استخدامه لمحاولة اغتيال صدام حسين. أطلق ساغي على الخبير اسم "ناتان"، ووافقت "غولدا مائير" رئيسة وزراء الحكومة الصهيونية على عملية الاغتيال، كما جاء في صحيفة "تايمز إسرائيل" في عددها الصادر في الثاني عشر من نوفمبر تشرين الثاني العام 2012.

كان العميد تسوري ساغي يعمل على تدريب القوات الكردية المتمردة في شمال العراق في الفترة بين 1966 - 1974، وذلك بهدف إضعاف الجيش العراقي، وتكبيده الخسائر، ويعترف شخصيًا بذلك، وبدوره بمقتل نحو 12 ألف جندي عراقي حتى العام 1974. شغل لاحقًا منصب قائد اللواء 317، ولواء المظليين الاحتياطيين، وقائد المنطقة بأكملها، ورئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية.

وصل ناتان شمال العراق، ثم عمل على تفخيخ كتاب، وأرسله كهدية إلى صدام حسين، وذلك لشغفه بالقراءة. لم يفتح صدام حسين الكتاب، وانفجرت القنبلة، لكنها قتلت مسؤولًا عراقيًا آخر رفيع المستوى كما تقول الصحيفة.

إما محاولة الاغتيال الثانية لصدام حسين من قبل الموساد فكانت في العام 1992، وذلك بسبب قصفه الكيان الصهيوني في حرب الخليج الثانية في العام 1991. وكان الدافع الآخر هو ما كشفه مفتشو الأمم المتحدة بعد الحرب من أن العراق كان على وشك امتلاك الأسلحة النووية والكيميائية والبيولوجية، فضلًا عن القدرة الصاروخية لضرب "إسرائيل"، والخوف من أن يستمر صدام حسين بتطوير مثل هذه القدرات، كما جاء في كتاب "انهض واقتل أولًا: التاريخ السري للاغتيالات الإسرائيلية"، للصحفي العبري رونين بيرجمان، والصادر في العام 2018.

أقنع رئيس أركان الجيش الصهيوني "إيهود باراك"، رئيس وزراء الحكومة الصهيونية "إسحق شامير"، ثم خليفته "إسحق رابين"، بالموافقة على عملية اغتيال صدام حسين. كما عمل في يناير كانون الثاني العام 1992 على تشكيل فريق من الموساد برئاسة "عميرام ليفين" لدراسة الطرق التي يمكن بها اغتيال صدام. اطلعَ ليفين على خطط مختلفة، من بينها تزويد العراق باستوديو تلفزيوني حديث من قبل شركة أوروبية، وذلك لقصفه جوًا خلال بث خطبه. وكان من الخطط أيضًا اغتياله أثناء حفل تأبين.

اكتشف الموساد أن خال صدام، خير الله طلفاح، مصاب بمرض عضال، فقرروا نصب كمين لجنازته المتوقعة في قطعة أرض العائلة في مقبرة تكريت، إذ كان المكان الوحيد خارج بغداد الخاضع لحراسة أمنية مشددة حيث سيكون فيه بالتأكيد صدام حسين بنفسه، وليس شخصًا آخر.

كان الموساد يتابع عن كثب علاج خير الله طلفاح في الأردن. وعندما توقع أن موته سيستغرق وقتًا طويلًا، وضعَ الموساد خطة بديلة، وهي إغتيال برزان التكريتي، شقيق صدام حسين من الأم، وكان آنذاك يعمل كسفير العراق لدى الأمم المتحدة، ومن ثم نصب كمين لصدام في جنازته بدلًا من خير الله طلفاح.

بموجب الخطة، والتي اطلق عليها تسمية "عملية برامبل بوش"، كان من المقرر إدخال فريق كوماندوز من وحدة النخبة في الجيش الإسرائيلي "سايريت ماتكال" إلى العراق بواسطة مروحيات، ومن ثم السفر إلى المقبرة في سيارات جيب متنكرة لتبدو وكأنها مركبات تابعة للجيش العراقي، ومزودة بقاذفات صواريخ موجهة تلفزيونيًا "ميدراس" لاطلاقها تجاه صدام.

جُهز لقوات الكوماندوز الإسرائيلي نسخة طبق الأصل من مقبرة عائلة صدام في قاعدة تدريب المشاة بالقرب من كيبوتس تساليم في النقب جنوب فلسطين المحتلة. وأجريت تدريبات على العملية التي قادها "دورون كيمبل" في الخامس من نوفبمر تشرين الثاني العام 1992، وكان من بين الحضور "إيهود باراك" شخصيًا، وكان من المقرر تنفيذ العملية بعد يومين فقط. غير أنه في التدريب أطلق رجال الكوماندوز الإسرائيليون عن طريق الخطأ، وبسوء التخطيط، وإرباك وإرهاق من التدريب، طلقات حية على قافلة تحاكى قافلة صدام حسين مما أسفر عن مقتل خمسة من زملائهم من قوات الكوماندوز سايريت ماتكال، كما يقول الكتاب.

الغيت الخطة على الفور، ووصفت الصحف العبرية الحادث بأنه "حادث تدريب"، وحاولت أجهزة الرقابة الإسرائيلية منع الصحف العبرية من نشر حقيقة أن رئيس الاستخبارات العسكرية تسوري ساغي "يسمى أيضًا أوري ساغي" شهد الحادث، لكن الرقابيين رضخوا بعد بضعة أسابيع، كما جاء في صحيفة جيروزاليم بوست في عددها الصادر في الخامس والعشرين من نوفمبر تشرين الثاني العام 1992.

إما محاولة الاغتيال الثالثة لصدام حسين من قبل الموساد فكانت في مطلع العام 1999، وهي امتداد للمحاولة الثانية، إذ خطط الموساد لاغتياله بصواريخ موجهة بعد زيارته المتوقعة لمنزل في شمال غرب العراق، كما تقول صحيفة الأخبار اليهودية لشمال كاليفورنيا في عددها الصادر في الثاني والعشرين من يناير كانون الثاني العام 1999.

كان صدام عادةً يزور أقاربه في المنطقة عند الغسق قبل وصوله إلى المنزل المستهدف. وكان في الصباح الباكر يسافر لمدة بين 15 إلى 20 دقيقة إلى موقع عسكري سري قريب. وكانت خطة الموساد اغتياله عند توجهه إلى الموقع العسكري. تحيط السرية بتحركات صدام، ولا يعرفها سوى دائرته الداخلية وبعض أفراد عائلته.

تابعت الصحيفة أنه ولإخفاء تحركاته، كان يُعد العشاء في كل مساء في أكثر من عشرة منازل آمنة، إذ يختار صدام بنفسه، وفي اللحظات الأخيرة، منزلًا واحدًا منها لإقامته ليلًا. ولجعل إجراءات الأمن أكثر تعقيدًا، فإنه يستخدم أشباهًا لنشر الإرباك.

وللتأكد من صحة المعلومات، تسلل أحد عملاء الموساد إلى العراق، وعمل على مسح الموقع، وعاد بصور عالية الجودة. وبعد أن أقنع رئيس الموساد "عميرام ليفين" رئيس وزراء الحكومة الصهيونية "بنيامين نتنياهو" بأن المعلومات الاستخبارية سليمة، قرر الموساد صياغة خطة لاغتيال الزعيم العراقي، وكان قرارهم في مطلع العام 1998.

صدرت أوامر لقوات الكوماندوز الإسرائيلية "وحدة النخبة 262" بمواصلة استعداداتهم، والبقاء على أهبة الاستعداد، لكن الصحيفة قالت إنه من المؤكد تقريبًا بأن الخطة وضعت على الرف، وذلك بعد الكشف عنها.

وتتابع أن تفاصيل العملية تسربت "لأن محللي الإستخبارات العسكرية اعتقدوا أن اغتيال صدام سيضر بشكل لا يمكن إصلاحه بعملية السلام في الشرق الأوسط وعلاقات إسرائيل المستقبلية مع الدول العربية".

بينما رجحت تقارير أخبارية أخرى إلغاء الخطة بسبب عملية ثعلب الصحراء، وهي حملة قصف شديدة شنتها أمريكا الشمالية وبريطانيا، وامتدت لمدة أربعة أيام على الأهداف العراقية من السادس عشر إلى التاسع عشر من ديسمبر كانون الأول العام 1998، مما يعني زيادة الإجراءات الأمنية داخل العراق. وزيادةً على ذلك، شكك جنرالات الحرب "أرئيل شارون" و"إسحاق مردخاي" في صحة معلومات الموساد، وقدراته في الوصول إلى الرئيس العراقي.

المراجع

https://www.timesofisrael.com/mossad-tried-to-kill-saddam-in-the-1970s-new-documentary-reveals/

https://www.spylegends.com/team/-zuri-sagi

https://jrayed.org/ar/newspapers/alittihad/1991/05/19/01/article/8/?e=-------ar-20--1--img-txIN%7ctxTI--------------1

https://www.defencetalk.com/israel-reveals-post-gulf-war-plan-to-assassinate-shelved-after-drill-blunder-2074/

https://theswissbay.ch/pdf/Books/Politics/Rise%20and%20Kill%20First%20The%20Secret%20History%20of%20Israel%E2%80%99s%20Targeted%20Assassinations%20by%20Ronen%20Bergman%20%28z-lib.org%29.pdf

https://www.upi.com/Archives/1992/11/23/Censor-lifts-ban-on-generals-role-in-accident/5748722494800/

https://jweekly.com/1999/01/22/report-says-israel-dumped-plan-to-assassinate-saddam/

https://www.afio.com/sections/wins/1999/notes0599.html

انتهى
تمت طباعة الخبر في: الأربعاء, 15-يناير-2025 الساعة: 10:19 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.sanaanews.net/news-98693.htm