صنعاءنيوز / د. عبدالوهاب الروحاني -
عُرف القاضي العرشي بطول البال وسعة الأفق، أو ما يسمى بسياسة النفس الطويل؛ لخبرة الرجل الطويلة في رئاسة وإدارة العمل التشريعي في مجلسي الشعب والشورى، كان عندما يكثر التداول حول القضايا المثيرة للجدل خاصة المتعلقة منها بالجوانب القانونية والدستورية المستعجلة، التي تنطوي على تناقض في الرأي وخلاف في وجهات النظر، يترك مجالاً كبيراً وواسعا للحديث، وأحيانا يمدد الجلسات ليتيح للمعارضين من الأعضاء فرصة الحديث لمرتين وثلاث ... حتى وإن كان الحديث في بعضه مكرراً ومملاً وغير ذي قيمة، لكنه كان لا يضيق ولا يمل، محاولا بذلك استحضار التعب والملل عند المعارضين في القاعة ليصل بهم حد القناعة بالإنجاز، فيندفعون في ضيق للمطالبة بالتصويت على الصيغة المناسبة، وحينها كان يسأل بهدوء وطولة بال:
- هل بقي أحد من طالبي الكلام ؟!!
فتضج القاعة بـ"لا" وبالمطالبة بالتصويت..وبهذا الاسلوب المرن والهادئ في إدارة وانجاز المهام كان القاضي العرشي (رحمه الله) يسلك طريق الانجاز من باب تعمد التطويل في النقاش لينهي بحرص وحكمة مهام الدورات التشريعية، التي تميزت في فترته بالثراء والنوعية، وأسست لقاعدة تشريعية مهمة في اليمن لكنها ظلت مهملة ومعطلة حتى اليوم.
استحضرتني هنا فكرة التطويل لغرض الانجاز عند القاضي العرشي في العمل التشريعي وأنا أتابع اليوم بحزن وألم الوضع المزري الذي يعاني منه مجلس النواب المقسم بين "صنعاء" و"الشتات" ليس فقط ببؤس الأداء وإنما بموت الضمائر أيضا، وموت المجلس واختفاء نقاشاته ومداولاته الدستورية، التي كانت تغير من مسار الحكومات وتعالج اختلالاتها قبل الوحدة وبعدها حتى "ثورة الربيع العربي" أو ما يُطلق عليها في اليمن توجعا بـ"نثرة الربيع العبري"، والأمثلة كثيرة.
د. عبدالوهاب الروحاني
https://www.facebook.com/share/p/AHbdVPe4rBh464M7/ |